الثلاثاء، 23 مارس 2010

لماذا لم تصلِ الجمعة يا أبا صمود؟

أبو صمود صنديد من صناديد الوطن، وأسد من أسود الأمن الفلسطيني، أبو صمود قبلوه ليدخل دورة تدريبية لقوات الصاعقة قبل أشهر، وذلك بعد أن أخبره ابن عمه عنها وعن العمل في قوات الصاعقة، وعن اللباس اللامع الذي سيلبسه والسلاح الجديد الذي سيحمله، ولأن أبا صمود بلا مشاكل مع الطرف الآخر، ولأن أبا صمود لم يكن انقلابياً ولم يحب الانقلابيين يوماً في حياته، فقد قبل وذهب مع الدورة إلى الأردن.

رجع أبو صمود قبل شهر من الأردن فلسطينياً جديداً، يمثل أملاً للدولة الفلسطينية الوليدة، فقد تعلم السير بنظام، وتلميع حذائه، وتعلم كيف لا يرد على استفزازات "الإسرائيليين الملاعين"، وعلى سحب الذرائع منهم، وتعلم أصول قمع أعمال الشغب ومحاربة المخربين الانقلابيين.


بعدما رجع أبو صمود من دورته التي استمرت ثلاثة أشهر وضعت زوجته مولودتهما البكر، كان يريد تسميتها دلال، على اسم الشهيدة دلال المغربي فهو فتحاوي أباً عن جد، ولن يقبل باسم أقل فتحاوية، لكن قبل أن يسجل الاسم، قرأ في الصحيفة أن الطرف الآخر اعترض على تسمية ميدان في مدينة رام الله باسم دلال المغربي، وقرأ باعجاب كيف سحبت القيادة الحكيمة من الطرف الآخر (قاتله الله) الذريعة وقررت الغاء حفل التدشين.

قرر أبو صمود أن يقتدي بالقيادة وأن يطبق ما أخذه في الدورة، وقرر أن لا يسميها دلال، سحباً للذرائع وحتى ما حدا يحكي أن جنود الصاعقة يعملوا مشاكل وتحريض، طيب شو بدك تسميها؟ "بدي أسميها صمود، مش قيادتنا بتقول أن مجرد وجودنا على الأرض صمود؟ وأن صمودنا هو مقاومة سلمية تحرج الاحتلال، أنا بدي أحرج الاحتلال وأسميها صمود." وهكذا أخذ اسمه "أبو صمود".

ليلة الخميس الماضي جاءته التعليمات مع باقي أفراد وحدته، "بكرة الانقلابيين والمنفلتين بدهم يعملوا اخلال بالأمن العام بعد صلاة الجمعة"، كان المطلوب من أبو صمود والقوة الخاصة أن يرابطوا أمام أحد المساجد في المدينة، فكّر أبو صمود داخل نفسه "الله يخرب بيتهم هالانقلابيين حتى صلاة الجمعة بدهم يعملوها سياسة، لازم بكرة نربيهم."

أبو صمود لم يضيع صلاة جمعة في حياته، صحيح يضيع بعض الفروض بين الحين والآخر، لكن صلاة الجمعة كانت دوماً خطاً أحمر، فما الذي سيفعله؟ تذكر أبو صمود أنه سمع "الشيخ" يقول أنه يجوز ترك صلاة الجمعة لأصحاب الأعذار، و"الضرورات تبيح المحظورات، وهل يوجد أكبر من هكذا عذر؟" فكر أبو صمود: "شو في الدنيا شغلة أهم من أنه نحمي بلدنا من الشيعة الحمساويين، بكرة تصير البلد مليانة شيعة؟ لو بدي أموت شهيد راح أمنعهم."

في اليوم التالي ركب أبو صمود السيارة، بعد أن لمّع حذاءه كما تعلم، وحمل "الدبسة" بالطريقة الصحيحة، وفي الطريق خاطبه صوت في رأسه:

-وين رايح يا أبو صمود؟

*مين أنت؟

-أنا ضميرك يا أبو صمود، مش عارفني؟ شكلك نسيتني، ما هو من زمان ما حكينا مع بعض.

* آه، طيب. رايحين على الجامع. بدنا نمنع الشيعة الحمساويين يعملوا مشاكل ويدنسوا صلاة الجمعة؟

-وشو حجتهم الحمساوية الملاعين هالمرة؟

* قال شو، بدهم يتظاهروا علشان الأقصى. بس على مين يابا. إحنا صاحيين وجاهزين.

-وما له الأقصى؟

*قال اليهود بدهم يبنوا الهيكل محله.

-طيب، مش لازم يا أبو صمود يكون في حدا يدافع عن الأقصى، ما هو الأقصى مش للحمساوية لحالهم.

*آه....... ما هو إحنا ما بدنا نعطي اليهود ذريعة يتحججوا فيها. ما أنت شايفهم أعطيناهم كل شي ومش راضيين.

-والحل يا أبو صمود؟

*للبيت رب يحميه.

وقفت السيارة أمام المسجد ونزل أبو صمود منها مع رفاقه، واتخذ وضع الاستعداد.

-يا أبو صمود ليش ما دخلت الجامع؟

*شو مش شايفني قاعد بأحرس؟

-طيب والصلاة؟

*معاي فتوى، لما يكون في وضع ضروري الواحد بيقدر ما يصلي الجمعة. هيك قال "الشيخ".

-طيب وشو الضروري يا أبو صمود؟

*ما أنا أحكيتلك بدهم يطلعوا مسيرة، وبعدين بدهم يروحوا على الحاجز ويتسفزوا الطرف الآخر، وتصير مشاكل وتصير عسكرة للانتفاضة ونرجع للفلتان الأمني والبلد تخرب، كله من ورا الحمساوية. أخ منهم لو يتركوني عليهم أكسر رقابهم.

-طيب وبعدها يا أبو صمود؟ الأقصى مين راح يدافع عنه؟

*هو أنت بدك تظلك تعيد الأسئلة؟ قلت لك للبيت رب يحميه.

-يعني لو اليهود هدموا الأقصى راح تظلك تقول هالكلمة "للبيت رب يحميه"؟

*لا !!! شو مالك .... يا ويلهم إذا هدموا الأقصى. راح نولعها نار. هو أنت مفكر أن الأقصى لحماس؟ أصلاً هذول منافقين بيدخلوا الدين في السياسة ومش عارف شو.

- يعني راح تستخدم سلاحك ضد اليهود إذا دنسوا الأقصى؟

*أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. أسكت بلاش يسمعك دايتون. إحنا مش لازم نعطيهم ذرائع، وأنت بتقول لي سلاح وما سلاح؟

-طيب كيف بدك تولعها؟

*أمممم..... شوف إحنا الشعب الفلسطيني صامدين على أرضنا، وما دام إحنا موجودين وعايشين على أرضنا فهذا أكبر صمود، وما فيه شي في الدنيا يؤذي اليهود قد صمودنا.

-طيب يا أبو صمود .... الله يخليلك صمود. ما بدك تدخل المسجد وتصلي فهمناها، بس ليش مولع السيجارة؟ يعني احترم خطبة الجمعة وأطفي السيجارة.

*التدخين مش حرام. الشيخ أحكى أنه مكروه.

ليست هناك تعليقات: