الأحد، 17 أبريل 2011

الراقصون على الجراح: لا يقتل جاسوس بمسلم

بعد كل جريمة بوزن جريمة الغدر بالمتضامن الإيطالي فيتوريو وقتله بأبشع الطرق، يطل علينا الراقصون على الجراح ليتحفونا بما لديهم من "سكر يرشوه على الموت"، ومثلما هي عادتهم القبيحة يتركوا الجريمة ويبدأوا بالبحث عن توابع الجريمة (أو مقدماتها) لينسونا عظم ما حصل.

ومثلما هي الحال مع كل جريمة ترتكبها الجماعات المنتسبة للسلفية الجهادية تبدأ المواقف المتلونة التي تريد أن تجمع بين المتناقضات في سبيل الدفاع عن هذه المجموعة أو تلك، فنجدهم يتحفونا ببيانات التبرؤ من العملية وإلقاء مسؤوليتها على الموساد الصهيوني، وبعدها مباشرة يتهموا حكومة غزة أنها لم تتحاور مع الجماعات السلفية ودفعت شباب هذه الجماعات إلى الانفجار والتهور وارتكاب الجريمة، وهل الحوار مع الموساد مقبول أو جائز!؟

وبعدها تنبري أقلامهم المحمومة لتتباكى على المعتقلين وليرددوا مقولة لا يقتل مسلم بكافر، أوليس القاتل موساد كما تقولون؟ ألا تكفي تهمة العمالة (وحدها) للحكم عليه بالإعدام؟ ألم يكن من الأجدر بكم أن تدينوا هذه الجريمة الخسيسة بدلاً من ذرف دموع التماسيح على قتلة تجردوا من كل قيم الإسلام والإنسانية؟ قفزتم عن الجريمة وبشاعتها وتداعياتها إلى مرحلة الحكم على القتلة بالإعدام؟ لست من أهل العلم الشرعي وإن كان هنالك آراء شرعية كثيرة حسب ما سمعت بخصوص هذه الحالات، لكن لكل مقام مقال ونحن اليوم في الجريمة التي حصلت، ولسنا في المحكمة لنحكم على القتلة بما يناسبهم لنترك الحكم لأهل الحكم، أما الآن وفي هذا الموقف الكل مطالب بتوضيح رأيه بدون مواربة حول هذه الجريمة.

أما الهروب إلى الأمام وبذل دموع التماسيح على القتلة المجرمين، ونسيان المأساة التي حصلت، والعار الذي لحق بالشعب الفلسطيني، فهو من الألاعيب التي سئمناها من نفس الجوقة التي تقتل القتيل وتخرج في جنازته، نسمع نفس التحريض ونفس التهليل والتكبير للجرائم، وعندما تقع الواقعة وتتجه إليهم سهام النقد يبدأوا بالتهرب والتبرير، وبعدها يعودوا للدفاع عن الخطأ وتجميل القبيح ووضع المساحيق على الوجه البشع لهذا الفكر المنحرف.

ويبقى فيتوريو أقرب للإسلام (في ممارسته على الأقل) من قتلته، فهو عمل وفق وصية رب العالمين للحبيب محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"، فكم منا فهم الآية وعمل بموجبها؟ أما قتلته والراقصون على الجراح فكان قدوتهم بنو إسرائيل الذين قالوا: "ليس علينا في الأميين سبيل"، فما دام الإنسان غير مسلم فدمه وعرضه وماله مباح مثلما استباح بنو إسرائيل دم وأعراض وأموال غير اليهود. يجب أن يطرح كل منهم موقفه بصراحة ووضوح، وانتظر من منظري السلفية الجهادية إدانة كالمة بدون كلمة ولكن ، لأن "ولكن" أصبحت الشماعة التي يتهربون بها من المسؤولية، يريدون الجمع بين النقيضين أن لا يحاسبوا على جريمة نسبت إليهم وأن يحصدوا نتائجها عندما يقولوا لولا أن حماس لا تستجيب لطلباتنا لما وقعت الواقعة.

وهنا أتوجه إلى الحكومة في غزة مطالباً إياها بأن يكون موقفها واضحاً تجاه هذا الفكر، وعدم الاكتفاء بتعليق مسؤولية الجريمة على الاحتلال الصهيوني أو سلطة رام الله، فإن كانت بصمات المخابرات واضحة في توقيت الجريمة واختيار الضحية والتسرع بقتله قبل انتهاء المهلة بزمن طويل، إلا أنه لا يجب أن نتجاهل المستنقع الفكري الذي يشكل البيئة الملائمة للمخابرات كي تجد فيها الأدوات المناسبة لتنفيذ مخططاتها.

كما أن التيار السلفي بمختلف توجهاته (وأخص بالذكر السلفية الجهادية) مطالب بأن يكون له موقف واضح من الجريمة وأن يقوم بمراجعات فكرية، لأن التحريض العشوائي الذي يمارسه يشكل البيئة الخصبة التي تستغلها الأجهزة المخابراتية والمرضى النفسيين الباحثين عن غطاء لممارسة انحرافاتهم الفكرية، ويجب عليهم وضع حاجز بينهم وبين المنفذين، حاجز واضح لا لبس فيه، وإلا فإنه كل ما حصلت مثل هذه الحوادث فسهام الانتقاد والاتهام ستتوجه إليهم.

ولا ينفع القول بأن هذه مؤامرة وأن الموساد هو المتهم وهو المستفيد، فهنالك تساؤلات لدى الرأي العام، وأنتم مطالبون بتوضيح موقفكم، وتهربكم من توضيح موقفكم لا يعني للرأي العام سوى اثبات التهمة عليكم.

ليست هناك تعليقات: