الخميس، 11 أغسطس 2011

الملك عبد الله: الخطاب غير المناسب في الزمان غير المناسب

ما فشل به الإعلام الرسمي السوري على مدار خمسة شهور هي عمر انتفاضة الشعب السوري، قدمه له الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز على طبق من ذهب، وهي حجة تقنع البعض بأن ما يحصل في سوريا هو مؤامرة خارجية تحاك ضد "نظام المقاومة"، وذلك لأن الجميع يعلم أن السعودية لا تتحرك إلا بإذن أمريكا، ولأن الجميع شاهد كيف آوى النظام السعودي كل من زين العابدين بن علي وعلي عبد الله صالح، وكيف تآمر لإطالة عمر كل من حسني مبارك وعلي عبد الله صالح.

فلماذا الآن تكلم الملك عبد الله؟ وهل يحكم أصلاً السعودية نظام يحترم آدمية الإنسان حتى يعطي الآخرين دروساً في حقوق المواطن؟ ربما لا يقصف الجيش السعودي شعبه (لحد الآن) لكنه ليس أفضل كثيراً من نظام الأسد لا من حيث حقوق الإنسان ولا حرية التعبير ولا الفساد والنزاهة والعدل.

هل سيؤثر سحب السفير السعودي من دمشق أو خطاب الملك عبد الله على النظام؟ التأثير بكل تأكيد سيكون عكسياً وباتجاه تقوية نظام الأسد - العدو القديم للنظام السعودي حيث لم تكن علاقتهما ودية في أي يوم من الأيام، مثل هذا الخطاب سيدفع مؤيدي النظام للتماسك من حوله أكثر وأكثر وسيستخدم البعث فزاعة المؤامرة "الوهابية الأمريكية" لشد أزر مؤيديه وإقناعهم أنهم يخوضون معركة ضد الاستعمار وليس ضد أبناء شعبهم.

الملك عبد الله لن يقدم على خطوات عملية تنقذ الثورة السورية، فهي فقط مجرد كلمات تبيعهم أملاً زائفاً، ويبدو لي أن الخطاب هو نتيجة لنصائح من مستشاري الملك (تلاميذ توماس فريدمان وغيره من المحافظون الجدد)، حيث يظن أولئك أنه يمكن لملك السعودية أن يختطف الثورة السورية وأن يكون بطل الثورات العربية.

وواضح أن الملك السعودي ومستشاريه يعيشون وهم الدراسات الأمريكية التي تنبأت بان تطيح الثورات بالجمهوريات وتبقي على الملكيات، وننصحهم بالابتعاد عن الأحكام الجاهزة التي تأتيهم من أمريكا، فبشار الأسد ظن قبلهم أنه بمنأى عن الثورات لأنه "نظام مقاوم" ليكتشف بعدها أنه هو التالي.

ربما لا يدرك حكام السعودية أن نظام الأسد هو صمام الأمان لهم ولكافة أنظمة الاستبداد، لأنه منذ اندلاع الثورة السورية ساد الجمود على أكثر الساحات العربية، حيث ترتقب الجماهير نتائج ثورات ليبيا واليمن وسوريا، ولا شك أن انتصار الثورة السورية على أعتى آلة قمع وأكثر أنظمة الاستبداد تماسكاً سيمد باقي الشعوب بالأمل وسيحرضها على الثورة، والشعب السعودي ليس بعيد كثيراً عن ذلك.

لكنها الأوهام والظن الخاطئ بأن كل ما يحصل هو مجرد تصفية حسابات بين محور وآخر: "أطاحوا لنا بمبارك وبن علي وحان الأوان لنرد لهم الصاع صاعين، ولأن نكسب شعبية بين الجماهير العربية".

إن أردت أن تكسب شعبية فأبدأ ببلدك وأصلح الفساد وأنظر للمهمشين في المناطق النائية وأنظر لمدينة جدة التي تغرق كل عام في الفيضانات، ولتطلق سراح المعتقلين السياسيين ولتبدأ عملية إصلاح سياسي واسعة النطاق، هذا ما سيجعلك بطلاً، لا أن تزايد على نظام هو شريك لك في الاستبداد.

ونصيحتي للثوار السوريين لا تراهنوا لا على الملك عبد الله ولا على المجتمع الدولي، فكل الثورات انتصرت من داخل حدود بلدانهم والدعم الخارجي مجرد عامل تكميلي لا يفيد كثيراً، ما يهمكم هو تفتيت النظام من الداخل واستمالة الشرفاء منه وتحريضهم على آل الأسد وحزب البعث، وخطابات مثل خطاب الملك عبد الله تنفر وتخيف الشرفاء وتجعلهم يتعاضدوا مع مجرمي النظام ضد ما يصور لهم على أنه مؤامرة سعودية-أمريكية.

حمى الله الثورة السورية من جميع من يتاجر بإسمها ويستغلها لتصفية حساباته الضيقة.

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

جزاك الله خيراأستاذ ياسين
أتمنى تسليط مزيدا من الضوء على هذا الخطاب حتى نفهم أبعاده أكثر

وليت قومي يعلمون !!

عمر يقول...

الملك السعودي وازن بين السخط الشعب في بلاده وبين ضغط أمريكا
لو نظرنا للموضوع بشكل عام فهو سيفيد كلا الطرفين في سورياالنظام والشعب و كله بمعناوية لكنه أضر بالثورا بنقطة لم تذكرها أخي وهي الطائفية فالنظام سيوصم الثورا ويعبيء طوائف الشعب السوري الاخرى ضج السنة لأنهم طائفيون حيث انها خدمة تساعده بذالك (تذكر انه أبدل وزير الدفاع علي حبيب بأخر مسيحي قبل أيام لتوريطهموليصفهم جنبه)

المتظاهرون بسوريا يمسكون الان بقشة لذالك تراهم يرفعون صور الملك السعودي ورسموا أعلام الكويت

أساسا أين كان الملك السعودي من حرب غزة التي نكل بها الصهاينة بالمسلمين السنة أيضا و ما بدي أكتر حكي لأن الجميع يعلم دوره بحرب العراق والله يرحم شهداء الفلوجة وتلعفر وحديثة والذين يشبه مصيرهم مصير شهداء درعا و ادلب وحماه بل انه كان في العراق مقاومة



أخوك (ثورة سوريا)
شكرا لك أخي ياسين

ياسين عز الدين يقول...

شكراً على مروركما إخواني الكرام.

عمر أدرك أن الشعب السوري يتعلق بقشة لكن أريد نصحه حتى لا تكون القشة عليه لا له.

وأتفق معك أن هنالك محاولة من النظام لتصوير التدخل السعودي على أن له هدفاً طائفياً لوصم الثورة بالطائفية.

وأزعم أن هذه الثورة الوحيدة التي سيدعمها الملك السعودي، فقط لأنها فرصة لتصفية الحسابات القديمة لا أكثر.