الجمعة، 21 أكتوبر 2011

في ظلال صفقة التبادل: القائد القسامي سعيد بدارنة من حبل المشنقة إلى أجنحة الحرية



القائد القسامي سعيد بدارنة من يعبد القسام (البلدة التي كانت أحراجها مسرحاً للوقفة البطولية الأخيرة للشهيد عز الدين القسام في مواجهة الجيش البريطاني قبل 76عاماً) ودرس القائد بدارنة (مواليد عام 1972م) في مدرسة عز الدين القسام في البلدة، وبدأ بالعمل الوطني مبكراً حيث انضم وهو في الرابعة عشر من عمره إلى الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين.


إلا أنه ومع اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987م حدث عنده انقلاب فكري فانتقل من الفكر الماركسي إلى الفكر الإسلامي وكان من المؤسسين الأوائل لحماس في بلدته يعبد، وبدأ عمله الجهادي بتشكيل مجموعات "للسواعد الرامية" وهي الذراع الشعبي لحركة حماس في الانتفاضة الأولى والمكلف بمواجهة الاحتلال بالحجارة والزجاجات الحارقة والمواجهات الشعبية.


وبعدها انتقل إلى تصنيع العبوات الناسفة وتفجيرها في الدوريات الصهيونية، ونفذ عدة عمليات ضد قوات الاحتلال والمستوطنين في شمال الضفة الغربية، إلا أن النقلة النوعية في عمله الجهادي أتت في وقت لاحق.


لفترة طويلة كان المقاومون داخل فلسطين يستخدمون الأسمدة الزراعية والكبريت لتصنيع عبوات ناسفة، إلا أن فاعليتها كانت عادة ضعيفة والخسائر التي تلحقها بجيش الاحتلال بسيطة، إلى أن جاء المهندس يحيى عياش في بداية التسعينات وبدأ يعمل على تطوير المتفجرات باستخدام المواد الكيماوية المتوفرة بشكل تجاري في السوق، وكانت أولى محاولاته تفجير سيارة مفخخة في مستوطنة رمات إفعال شمالي القدس المحتلة عام 1992م.


إلا أن القفزة النوعية كانت بالسيارة المفخخة التي فجرها الاستشهادي رائد زكارنة وسط مدينة العفولة ليقتل 7 من الصهاينة ويصيب العشرات، انتقاماً لمجزرة المسجد الإبراهيمي (عام 1994م) وبعد مرور أقل من أسبوع أرسل القائد سعيد بدارنة الاستشهادي عمار عمارنة إلى محطة الحافلات مدينة الخضيرة بعد أن قام بتركيب الحزام الناسف على جسده، كما زوده بحقيبة تحتوي على عبوة متفجرة لتنفجر بشكل منفصل بحيث تكون عملية مزدوجة (الحزام الناسف + الحقيبة).


قتل في عملية الخضيرة 5 صهاينة وأصيب العشرات، وأصيب الصهاينة بالجنون فقد بدأ عهد الاستشهاديين وبدأ عهد الضربات الموجعة، لكن بدارنة لم يبق في ساحات الوغى بعدها طويلاً وسرعان ما اعتقله الاحتلال، وقدمه للمحاكمة العسكرية حيث صدر بحقه حكماً بالإعدام وهو قرار غير مألوف، فالصهاينة لم تصدر محاكمهم أي حكم بالإعدام سوى مرة واحدة بحق المسؤول النازي أدولف آيخمان والذي خطفوه من الأرجنتين في الستينات بتهمة المشاركة بإبادة اليهود، فكان أول وآخر شخص يعدمه الصهاينة بقرار من المحكمة، ولنضع خطين تحت كلمة محكمة لأن الصهاينة أعدموا العشرات والمئات خارج إطار المحاكم سواء من خلال سياسة الاغتيالات أو التعذيب والضرب حتى الموت بعد الاعتقال.


إلا أن القائد بدارنة رفض أن يقدم استئنافاً على الحكم وقرر تحدي الاحتلال وقبول الشهادة على أعواد المشانق، فما كان من وزير الحرب الصهيوني آنذاك اسحق رابين إلا أن طلب بنفسه إعادة محاكمته ليصبح الحكم بالسجن المؤبد بالإضافة لـ15 عاماً، فقد خشي رابين أن يصبح بدارنة رمزاً للمقاومة وخوفاً من استفزاز مشاعر الشعب الفلسطيني وردات الفعل العنيفة المرتبطة بذلك.


ربما ظن رابين أن سعيد بدارنة سيبقى حتى مماته في السجن، وأنه سيموت قهراً وكمداً تحت سياط السجان كل يوم ولباقي سني حياته، ولربما لو كان حياً لندم أشد الندم على ما قام به، لكن المؤكد أن هنالك من نواب الكنيست من بدأ يعمل لسن قانون يجبر المحاكم العسكرية على تنفيذ عقوبة الإعدام بحق أبطال المقاومة، لكي لا يأتي يوم يرون فيه شمس الحرية كما حصل مع القائد سعيد بدارنة.


سعيد بدارنة كان من رواد العمل المقاوم المسلح، وانتقل من مرحلة المقاومة الشعبية إلى المقاومة المسلحة وحقق قفزة نوعية جنباً إلى جنب مع الشهيد يحيى عياش، سعيد بدارنة كان من الذين هندسوا تغيير معادلة الصراع مع الكيان الصهيوني، فاستشعر الصهاينة خطره ولذا أرادوا تعليقه على حبل المشنقة كما علقوا ايخمان من قبله، فقد رأوا فيه خطراً داهماً على كيانهم المسخ.


واليوم يحلق سعيد بدارنة بعيداً عن قضبان السجن، ويفرج عنه عزيزاً وإن كان أبعد عن يعبد القسام وعن المسجد الأقصى فإنه سيعود حتماً بإذن واحد أحد، كان للأسير المحرر محطات عديدة مع القسام، فقد ولد في يعبد القسام، ودرس بمدرسة عز الدين القسام، وانضم لكتائب القسام، وكان من الرواد الذين أدخلوا القسام إلى عصر العمليات الاستشهادية، وكان تحريره على يد القسام، فيا ترى ما هي المحطة القسامية الجديدة مع البطل سعيد بدارنة؟


هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

لكنه قتل الابرياء في السجون وقاتل النفس مطرود من رحمه الله.