الاثنين، 20 فبراير 2012

السعودية ليست سوريا




سمعنا من بشار الأسد وشبيحة إعلامه عبارة سوريا ليست مصر ولا  تونس، وكرروها مراراً وتكراراً، ودفنوا رؤوسهم في الرمال حتى انفجر الشعب في وجههم وما زال، وقبله قالها القذافي الابن فأخذته رياح الثورة هو ووالده والعائلة بأكملها.


ومن المفارقات العجيبة أن نظاماً مستبداً مثل النظام السعودي، وبعد محاربته للثورات العربية ووصفها بالفوضى وتجنيده "علماءه" للإفتاء بحرمة التظاهر والخروج عن السلطان، جاء ليدعم وبكل قوة الثورة السورية على اعتبارها "الثورة الحقيقية الوحيدة"، وأطلق العنان لأجهزة إعلامه لدعم الثورة السورية بشكل مطلق.


ونشرت الأسبوع الماضي صحيفة الواشنطن بوست مقالاً انتقدت تناقض النظام السعودي الذي يدعو لحرية الشعب السوري، فيما يمارس القمع بحق شعبه، وبدلاً من أن يسعى أزلام النظام لنصحه بتفادي أخطاء من سبقوه، نجدهم يكررون نفس الأخطاء التي ارتكبها من قبلهم.


الصحفي اللبناني جهاد الخازن والذي عمل بأكثر من مؤسسة إعلامية تدور في فلك النظام السعودي مثل الشرق الأوسط والأم بي سي والحياة اللندنية، هو مثال على تكرار نفس الخطأ، ففي أحد البرامج الحوارية على فضائية البي بي سي انبرى ليهاجم صحيفة الواشنطن بوست ويقول لا مقارنة بين النظام السوري الذي يقتل المئات وبين النظام السعودي الذي لم يقتل إلا اثنين! وأن الصحيفة مليئة بالكتاب الصهاينة!

هي نفس الإسطوانة التي كنا نسمعها عن النظام السوري، حين كان المدافعون عنه (وما زالوا) يصفونه بالأقل سوءً من غيره، ووصفوا كل داعٍ للثورة عليه بالعميل للصهيونية والاستعمار، كما لم يتوانوا عن التذكير بالدمار الذي سيحل بالأمة والفوضى التي تسود داخل البلد لو انهار النظام (سواء في سوريا أو السعودية).


النظام السعودي وجد من الثورة السورية فرصة لتصفية حسابات قديمة مع النظام السوري ومع النظام الإيراني، فهو يظن أن الثورة السورية انتصار لمحور الاعتدال على محور الممانعة، تماماً وبالضبط مثلما ظن النظام السوري أن الثورة المصرية انتصار لمحور الممانعة على محور الاعتدال.


حسناً إنها ليست حرباً بين الممانعة والاعتدال، إنها حرب الشعب ضد جلاده، إنها الثورة على الظلم والاستبداد، وليست مناكفات بين المحاور العربية، إنها صرخة الحق في وجه الظلام، وليست مجالًا للمزايدات الإعلامية وتسجيل النقاط.


يبدو أن النظام السعودي واثق من نفسه، ويظن أن كونه أقل إجرامًا من النظام السوري يشكل حصانة له، متناسيًا أن النظام السوري لم يكن يقتل الناس في الشوارع في الأيام القليلة التي سبقت اندلاع الثورة، مع ذلك خرج الناس وانتفضوا في وجهه، فما يخرج الناس إلى الشارع هو شعورهم بالذل والقهر والمهانة، وانعدام الأمل بالتغيير في ظل النظام القائم، وهي عوامل كلها متوافرة في النظام السعودي.


ويعتقد النظام السعودي أن استخدام فزاعة الشيعة سيشتري سكوت الناس، حسنًا لو كانت الفزاعات تنفع لنفع النظام السوري فزاعة الكيان الصهيوني وأمريكا، الناس أذكى مما يظن إعلام الأنظمة العربية، وأكثر وعيًا وهم اليوم أكثر تصميمًا على انتزاع حقوقهم.


كل المؤشرات تشير (بكل أسف) إلى أن النظام السعودي لم يتعلم الدرس، ولعل نشوته برؤية غريميه (سوريا وإيران) يغرقان في ورطة نظام الأسد الدموية، تعميه عن رؤية الحقيقة التي تواجهه، والتي ستنفجر في وجهه في يوم من الأيام، وندعو المولى عز وجل أن لا يكرر نفس الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد.


وبدلًا من أن يكون النظام السعودي عونًا للثورة السورية فهو عبء كبير عليها، فمن ناحية لا يقدم المساعدة المطلوبة ومن الناحية الأخرى يؤدي استغلاله للثورة في إذكاء حروبه الطائفية وانتهازيته إلى خوف العديدين من أبناء الشعب السوري وترددهم في الانتقال لدعم الثورة السورية.


هذه المفارقة ليست مستغربة في ظل سعي النظام لاستغلال الثورة السورية من أجل مكاسب سياسية خاصة به، وليس نصرة للشعب السوري، لكن ما لا يدركه النظام أن المكاسب الصغيرة التي يسعى لاكتسابها لن تمنع القدر المحتوم.

هناك 11 تعليقًا:

عمر يقول...

بارك الله فيك كلمات تستحق ان يقرأها احد الأمراء على الملك السعودي قبل فوات الأوان و بعدها سيقبل أقدام الشعب للرضى بالإصلاح
لكن اختلف معك بمسألة أن وقوف النظام مع السوريين يذكي الطائفية لأن الطائفية موجودة منذ زمن في نظام الأسد الطائفي

وبارك الله فيك يبدو أنه لا يوجد هنا ورود لنضعها

غير معرف يقول...

مع احترامي الشديد للكاتب
ولاكن كلام فاضي
نحنو الحمد الله شعب سعودي يعيش في رغد وفي تناغم مع القيادة.
لا يوجد نظام في العالم لا يخلو من الاخطاء
ولاكن الاخطاء المتوفره لدينا لا يمكن ان تدعو الشعب الى اقامة ثوره او مضاهرات
نعم نطالم بالاصلاحات وحل بعض المشاكل ولاكن لا نغير قيادتنا ابدا ولا نستغني عنها .

اللهم ادم علينا نعمة الامن والامان والرغد والعيش الكريم
واحفظ لنا حكومتنا ومليكنا خادم الحرمين الشريفين واطال في عمره .

عبدالناصر الخالدي

جيفارا فلسطين يقول...

القيادة تبعتك
بتحكي
المظاهرات في السعودية والخليج حرام وخروج عن الشريعة الاسلامية
في سوريا الخروج في مظاهرات فرض وواجب ديني

ياسين عز الدين يقول...

حياك الله اخ عمر.
التدخل السعودي دعما للثورة لا يؤجج الوضع الطائفي في سوريا، لأن الوضع متأجج تلقائياً.
لكن للنظام السعودي حروبه الطائفية الخاصة به، وفي كل الأحوال هو لا يساعد بالحل على الصعيد الطائفي في سوريا.

ياسين عز الدين يقول...

أخي الكريم من السعودية، أود أن يكون هنالك إصلاح وأتمنى من النظام أن يتجاوب مع مطالب الإصلاح.

لكن ما أسمعه من الكثير من الإخوة السعوديين أن الوضع لا يطمئن. إن شاء الله يكونوا مخطئين.

ياسين عز الدين يقول...

حياك الله أخ جيفارا.
بالفعل من تناقضات النظام السعودي أنه يقود حملة منظمة ضد الثورات العربية وضد مطالبة الشعوب بحقوقهم (وليس فقط المظاهرات). لكن عندما يأتي لسوريا فهي الثورة المقدسة التي لا يجب المساس بها.
انتهازية النظام واضحة وساطعة سطوع الشمس.

أم كوثر يقول...

كثرة الضغط تولد الإنفجار
لا يخلو نظام من تجاوزات وأخطاء فهم ليسوا معصومين والشعوب تطالب بالإصلاح قبل إستفحال الأمر وعندها لن يجدي أي إصلاح وسترتفع المطالب ..
فكل نظام يعمل بدكاء حسب مفهومه الخاص
فبدل سماع صوت الشارع وكبح جماحه العمل على الإصلاح أولا وقبل كل شيئ..

أم كوثر يقول...

فبدل قمع صوت الشارع وكبح جماحه العمل على الإصلاح أولا وقبل كل شيئ

أعتذر على الخطئ الغير المقصود

ياسين عز الدين يقول...

صحيح أختي أم كوثر فلا يوجد نظام بالدنيا بدون أخطاء.
لكن ما دام النظام يصحح أخطاءه ويعدل مساره بين الحين والآخر فهو على الطريق السليم، وإلا فإن الغضب وضيق الناس سيتراكم وصولاً إلى لحظة الانفجار.

غير معرف يقول...

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته...
انت ماتريد تفكر لحتى تفهم هنا حاكم مسلم هناك حاكم علوي.. يريد تشييع سوريا سلما.. الأمر واضح.. ولكن من الحقد ما أعمى

ياسين عز الدين يقول...

ودعمه للانقلاب على مرسي ماذا تسميه؟ :)
ما شاء الله على الحرية في السعودية وكرامة الإنسان، تحسدون عليها الصراحة.