الجمعة، 25 يناير 2013

ماذا بعد الزفة الانتخابية الأردنية؟

معارضون للنظام الأردني يحرقون بطاقاتهم الانتخابية


 
انتهت الانتخابات الأردنية كما هو متوقع: دعوات من المعارضة للمقاطعة، ومشاركة الموالين للنظام، والاختلاف حول نسبة المشاركين (مع أن هذا لا يعني شيئًا من الناحية القانونية)، وانتقادات موجهة لمستوى النواب المنتخبين ونظافتهم الأخلاقية والسياسية، وحرص مؤيدو المعارضة على إبراز مساوئ الانتخابات والتزوير وكم هي مسرحية هزلية سيئة الإخراج هذه الانتخابات.

لكن السؤال المطروح: وماذا بعد؟ فالنظام الأردني لا تهمه نسبة المشاركة، ولا تهمه الانتقادات ولا الصراخ ولا الاعتصامات، كل ما يريده هو مجلس نواب بصيم يختم ولاء الطاعة ولا يزعج رأس الحكومة بمطالب وشروط واستجوابات.

وهذا ما حصلت عليه الدولة والنظام، وكل زفة الانتقادات والهجمة الإعلامية لا تعنيه بشيء مقتنعًا بأنها زوبعة وستموت بعد فترة وسينسى الناس كل شيء، وكما يقول المثل "زوج ابنك لبنتك والفضيحة ثلاثة أيام".
 
أم أن المقاطعة هي غاية بحد ذاتها وليست وسيلة من أجل تحقيق هدف الإصلاح؟
يذكرنا موقف المعارضة الأردنية بما حصل في الكويت عندما قاطعت المعارضة الكويتية الانتخابات التي تم تفصيلها على مقاس النظام الكويتي عندما خرجت مسيرات كرامة وطني قبل وبعد الانتخابات ضد القانون الانتخابي الجديد، لكن النظام قام بما يريد ومثل كل مرة: البرلمانات المشاغبة والخارجة عن طوع النظام سرعان ما يتم حلها بحجة أو بأخرى، والبرلمانات الموالية تستمر حتى نهاية مدتها.

وفي كل الأحوال يمارس النظام سياسة ترك المعارضة تصرخ وتعترض وتتظاهر، بينما هو يفعل ما يريد غير عابئ بأي شيء، ورأينا نفس الظاهرة في الضفة الغربية فيترك الناس للاحتجاج والاعتراض وفي نهاية اليوم تنفذ السلطة الخطة التي يرسمها حفنة جالسون في المقاطعة.

وتُلهي الأنظمة معارضتها بمعارك هامشية مثل محاكمة النشطاء بتهمة التطاول على الذات الملكية أو الذات الأميرية أو المقامات العليا أو وصف محمود عباس بأنه "أبرد من المنخفض الجوي"، ويترك الحبل للمظاهرات إلى أن تصل حدودًا حمراء ثم تعتدي عليها الأجهزة الأمنية وبعدها تبدأ عملية الترقيع (ضربة على الحافر وضربة على النافر).

وذلك حتى يبقى سقف المعارضة هو المطالبة بحرية الرأي والتعبير، وعدم تجاوز ذلك إلى المطالبة بالمشاركة باتخاذ القرار، بحيث كلما اقتربت المعارضة إلى إكمال مطلب حرية الرأي والتعبير، انقضت عليها الحكومة لتعيدها خطوتين للوراء لكي تبقى تدور في هذه الدائرة.

ومن الواضح أنه في الحالة الأردنية (كما الحالة الكويتية من قبل) نجحت الحكومة في حصر المعارضة بدوامة التعبير عن الرأي، وهكذا لا تكون المعارضة قد خرجت عن الإطار المسموح لها بالتعبير عن امتعاضها من البرلمان الأردني الجديد، ولتشتمه مليون مرة فهذا مسموح والنظام لا مشكلة لديه.

يحرص النظام الأردني على اللعب بشعرة معاوية حتى تشعر المعارضة أن هنالك ما يمكن أن تخسره (حرية التعبير عن الرأي) ولا تتوجه إلى إجراءات أكثر راديكالية مطالبة بإزالة النظام والإطاحة به أو العمل على ذلك.

في الحالة السورية والليبية وحتى في الحالة المصرية اتجه الناس إلى استخدام القوة ضد الدولة، وذلك ردًا على بطش النظام وقتله للناس وتعذيبه للسجناء، وفي الحالة المصرية قرر النظام الاستسلام وعدم المقاومة (لأنه أخذ على حين غرة ولم يدر كيف يواجه الجماهير)، أما في الحالتين السورية والليبية فقد كان القرار المضي حتى النهاية، وكلما بطش النظام أكثر كلما كانت ردة فعل الناس أقوى.

ولقد لمسنا ذلك في الانتفاضة الأولى وانتفاضة الأقصى، فكلما سالت دماء ازداد الوضع اشتعالًا، وقد أدرك الصهاينة ذلك وقرروا تغيير استراتيجيتهم وبدلًا من قتل المتظاهرين فتتم مواجهتهم بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، وبالليل يقوم الجيش باعتقال النشطاء المركزيين في تنظيمات المقاومة ومثال ذلك الحملة المسماة "قص العشب" التي يشنها جيش الاحتلال ضد نشطاء حماس في الضفة.

والنظامان الأردني والكويتي أدركا هذه المعادلة، ويبدو أنهما استفادا من أخطاء النظامين السوري والليبي، فهما حريصين على عدم إسالة الدماء لأنها عندما تسيل يضعون المعارضين والشعب بين خيارين: إما الإطاحة بالنظام أو التعرض لبطشه الشديد، أما عندما يكون هنالك قمع مقنن وعندما تتحكم شعرة معاوية بسياسة الدولة تجاه معارضيها، فسيبقى الغضب الشعبي تحت السيطرة.

والسؤال المطروح هو أنه إذا كان النظام الأردني قد استفاد من أخطاء النظامين السوري والليبي، ويدير اللعبة بذكاء وخبث منقطعي النظير، فهل استفادت المعارضة الأردنية من أخطائها ومن أخطاء المعارضة الكويتية؟ فالربيع العربي لم يقم فقط من أجل حرية التعبير، بل من أجل مشاركة الشعب باتخاذ القرارات التي تخصه.

هناك تعليقان (2):

أم كوثر يقول...

تحسس كبير بدى يطفو على السطح وكل دولة تحتاط لربيع يقترب من مرفإها لذلك خطت كل واحدة خطوات استباقية حتى تفوت على الربيع العربي مبتغاه ، قد يجدي الحذر لكن لن يطول به الأمد فالشعوب فاض بها الكأس ، فهي تنشد اصلاح فعال يعيد لها كرامتها وتكون لها الكلمة فمن يتجاوز المحيط والمستجدات فهو لا يقرء الواقع جيدا .....

ياسين عز الدين يقول...

هي مناورات ولف ودوران تقوم به الأنظمة، لكن لا أرى أنه سيفيدها كثيرًا، ربما يطيل عمرها بعض الشيء.
إلى متى يستطيع النظام الأردني تأجيل المحتوم؟؟