الاثنين، 25 مارس 2013

زيارة أوباما لفلسطين عام 2008م وعام 2013م ما الذي اختلف؟


زيارة أوباما لحائط البراق عام 2008م

عندما زار باراك أوباما فلسطين للمرة الأولى في منتصف عام 2008م ضمن حملته الانتخابية للمرة الأولى، لم يكن قد أصبح بعد رئيسًا للولايات المتحدة، كما جاءت بعد تصريحات له بأن القدس يجب أن تبقى موحدة تحت السيادة الصهيونية، كما قام بزيارة للحائط البراق (الحائط الغربي للأقصى والذي حوله الصهاينة لحائط المبكى زعمًا بأنه الجدار الغربي لهيكلهم المزعوم).
 
عندما قدم أوباما للمرة الأولى لم تكن هنالك احتجاجات شعبية فلسطينية لا على زيارة حائط البراق ولا على تصريحاته الداعمة للقدس الموحدة، لكن الأمر اختلف في الزيارة الثانية مع أنه تخلى عن زيارة الأقصى وحائط البراق مكتفيًا بزيارة كنيسة المهد (تحت سيادة السلطة الفلسطينية)، كما كان في خطاباته أكثر توازنًا من المرة الأولى وانتقد الاستيطان وأكد على حق الفلسطينيين بدولتهم (مع الكلام المعتاد عن حاجة الصهاينة للأمن والتزام أمريكا بذلك والعلاقة الخاصة بينهما).


فلم يشفع له ذلك الفرق وخرجت مظاهرات في عدة مدن بالضفة وخاصة في رام الله وبيت لحم (اللتين زارهما) رافق ذلك انتقادات واسعة في الإعلام الفلسطيني ولفصائل العمل الوطني الفلسطيني بكافة أطيافه تقريبًا.
لو أردنا تلخيص الفروقات بين الزيارتين:

أولًا، حقيقة أن الزيارة الثانية جاءت وهو رئيس لأمريكا وليس مرشح أدت لزيادة درجة الاهتمام بالزيارة (سواء للمعارضين أم المؤيدين)، كما أثرت على مواقفه وتصريحاته التي حاول (عبثًا) في المرة الثانية أن يرضي الجميع من خلالها.

ثانيًا، نلحظ بصمات الربيع العربي في مظاهر الاحتجاج على الزيارة بأشكالها المختلفة، وهذا يشير إلى ارتفاع الوعي العربي والفلسطيني بالحقوق وارتفاع سقف المطالب الشعبية والوطنية، بعد أن كان الإحباط سيد الموقف عام 2008م.

وبرأيي أن هذا هو السبب الرئيسي ليتخلى أوباما عن زيارة الأقصى وحائط البراق فلم يكن مضمونًا أن لا تتسبب هذه الزيارة باندلاع موجة مواجهات داخل فلسطين (وربما تمتد لخارجها ضد كل ما هو أمريكي)، وخاصة أن الوضع في الضفة والقدس يغلي على نار هادئة منذ حرب غزة الثانية، وأي حدث ممكن أن يفجر الأوضاع.

ثالثًا، جاءت زيارة أوباما الثانية في ظل حكومة صهيونية هي الأكثر فاشية وعنصرية، وهي غير معنية بالتسوية السلمية مع السلطة، بل هنالك أطراف من الائتلاف الحاكم (حزب البيت اليهودي) ترفض علنًا أي مفاوضات مع السلطة مهما كانت.

كما أن الوضع على الأرض في الضفة وفي غزة وفي المحيط العربي لا يشجع على إطلاق أي موجة مفاوضات جديدة، ولهذا السبب أكدت إدارة أوباما أنه لا توجد خطط لإحياء المفاوضات، مما جعلها زيارة سياحة أكثر من أي شيء آخر.

في المقابل كان الوضع أكثر حميمية بين السلطة والكيان عام 2008م إلا أن كون أوباما مجرد مرشح للرئاسة وقتها لم يطلق أي آمال للمفاوضات وقتها أيضًا.

رابعًا، بعد أن أثارت تصريحات أوباما المنتقدة للاستيطان عام 2009م عندما ألقى كلمته الشهيرة في القاهرة غضب الصهاينة وانتقاداتهم، نجد تجاهل لتصريحاته المنتقدة للاستيطان في زيارته الأخيرة، وهذا يعود إلى عدم رغبة الحكومة الصهيونية الجديدة باستئناف المفاوضات مع السلطة وعدم نية أوباما الضغط من أجل استئنافها، ولسان حالهم يقول لأوباما "لتقل ما تشاء فلن يتغير شيء على الأرض."

خامسًا، أحد ثوابت الزيارات الأمريكية هي موجة الإشاعات التي تطلقها ماكنة السلطة الإعلامية والتي تبشر بأموال دعم أمريكية جديدة ووعود مزعومة عن دولة فلسطينية قريبة وأمل بانطلاق العملية السلمية من جديد، وكلها إشاعات لا أصل لها، سوى رغبة إعلام السلطة إعطاء إبر مهدئة لقواعدها الشعبية بأن هنالك شيء ما قادم بالأفق، وللأسف ما زال هنالك من يشتري هذا الهراء رغم كل التجارب المريرة معه.

يمكن القول أن الشيء الأساسي الذي تغير بين الزيارتين هو المزاج الشعبي العربي والفلسطيني والإيمان بقدرات الذات، وهذا دفع أوباما وأركان إدارته لأن يكونوا أكثر حذرًا ولم يعد لديهم ترف تملق الصهاينة بلا حدود، وأصبح كلامهم أقرب لأن يكون "مالناش دخل"، ومن الواضح عدم رغبتهم بالتدخل بما يحصل في فلسطين، وهذه إشارة للفلسطينيين والعرب أنه ما حك جلدك مثل ظفرك، وأن العالم لا يحترم إلا الأقوياء، فهل التقطناها جيدًا؟

ليست هناك تعليقات: