الأربعاء، 19 يونيو 2013

حماس وأسطورة جيوشها الجرارة




تصاعدت بالفترة الأخيرة وتيرة الإشاعات التي تتكلم عن قوات تابعة لحماس توجهت تارة إلى القصير، وتارة أخرى إلى قصر الاتحادية في القاهرة، وعن خلافات وانشقاقات على خلفية أحداث تحصل في الدول العربية، وتحديدًا دول الربيع العربي.

والواقع أن هذه الإشاعات ليست جديدة، وخصوصًا من جهة الصحافة التي تطلقها، وأخص بالذكر صحيفة السياسة الكويتية التي تكاد تكون المصدر الأول لهذه الإشاعات، وهي من الصحافة الصفراء التي تنشر أي شيء من أجل الإثارة، لكنها أيضًا مرتبطة بجهات مخابراتية معنية بتشويه صورة حماس تحديدًا.

وتعود إشاعات السياسة الكويتية إلى عام 2009م عندما تكلمت عن قوات تابعة لحماس ذهبت إلى اليمن لتحارب إلى جانب الحوثيين (بطلب من إيران)، وعن قوات ذهبت إلى جانب قوات من حزب الله إلى إيران من أجل قمع المتظاهرين المحتجين على نتائج انتخابات الرئاسة، ثم لقمع العرب في الأحواز.
 
واليوم يأتي الدور على إرسال قوات إلى سوريا وإلى مصر ولا أدري أين أيضًا، ولو حسبناها في 4 أعوام فقد شاركت حماس (حسب صحيفة السياسة الكويتية) في ستة حروب (اليمن، وإيران، وسوريا، ومصر) بالإضافة للحربين اللتين نعلم عنهما في غزة، ولو أن أمريكا خاضت ستة حروب في أربعة أعوام وبكل إمكانياتها وجيوشها وميزانيتها لما استطاعت ذلك ولما قدرت عليه، لكن هنالك سذج وأصحاب أهواء مستعدين أن يصدقوا أن حماس لديها هذا الجيش العرمرم الذي يضاهي قوة أمريكا (ولا أحد منهم يسأل نفسه إن كان لديها كل هذه القوات فلم لم تحرر فلسطين حتى اليوم).

والجديد في هذه الحملات الإعلامية هو انضمام جهات عديدة لها، فالمعارضة المصرية معنية بزج حماس في الصراع الداخلي ولأسباب حزبية ضيقة، والسلطة الفلسطينية والاحتلال من ورائها مهتمين جدًا بتحريض الرأي العام العربي ضد حماس وتشويه الصورة النقية لها على أنها حركة مقاومة تجابه الاحتلال، وتصويرها بدلًا من ذلك على أنها مجموعة من المرتزقة تقاتل حسب الطلب، ومرة ترتمي بحضن إيران ومرة ترتمي بحضن قطر.

وأخيرًا هنالك الإعلام التابع للنظام السوري ومن يدور في فلكه من اليسار العربي والقومجيين وحزب الله وسائر الجوقة التشبيحية المعروفة، فهمهم هو تصوير حماس على أنها لم تعد تهتم بالقضية الفلسطينية وأنها أصبحت بندقية مأجورة.

قصص لا أصل لها لكن لها جمهور!

والمتابع للشأن الفلسطيني عن قرب والشعب الفلسطيني نفسه يدرك سخافة وتفاهة أغلب هذه القصص، وخصوصًا ما يدور عن سبعة آلاف مقاتل لحماس في مصر أو ما هو على وزن ذلك من مزاعم عجيبة غريبة، إلا أن الهدف ليس الجمهور الفلسطيني الضيق (مع أنه هنالك فلسطينيون حزبيون يكذبون على أنفسهم ويصدقون بعض هذا الهراء لهوى في النفس ليس إلا)، بل الهدف هو الرأي العربي.

ليس الهدف إقناع الناس بحصول هذا الحدث أو ذاك، فأكثر ما ينشر يصلح وصفه بـ"خراريف عجايز"، وبالإمكان الرد على كل كذبة بكل سهولة، لكن المهاجمين يعتمدون على مبدأ جوبلز (وزير الدعاية النازي) وهو "اكذب ثم اكذب إلى أن يصدقك الناس"، فتتالي نشر هذه القصص سيجعل الناس يصدقون (وخاصة من هو غير متابع بشكل جيد) أن هنالك شيء ما خطأ بخصوص حماس، وأنه لا دخان بدون نار.

تعبئة الرأي العام المصري ضد حماس

ونرى الرأي العام المصري اليوم كيف أنه معبأ لأقصى الحدود ضد حماس والشعب الفلسطيني عمومًا، وهذا مثال على ما يريد أصحاب هذه الحملة تحقيقه، ويساعدهم على نشر هذه الحملة أن هذه القصص تستهوي بعض الناس وبعض هواة الصحافة الذين يظنون أنفسهم جهابذة في السياسة والتحليل السياسي مثل عبد الباري عطوان وصحيفته، فيشاركون في الحملة دون أن يدركوا (أحيانًا ) أنهم جزء من أكذوبة يراد لها أن تنتشر.

حماس وباختصار شديد عندها هدف مركزي وهو فلسطين، وهي لا تملك من الإمكانيات تؤهلها التدخل في الدول الأخرى حتى لو تعاطفت مع قضايا الشعوب العربية، وثقل حماس الأساسي موجود داخل فلسطين كان في الماضي وهو كذلك في الحاضر وسيكون في المستقبل بإذن الله، وسأعمل على توضيح هذه النقطة في المقال التالي والذي سيكون بعنوان " توضيحات لا بد منها بخصوص علاقة حماس بالربيع العربي".

ليست هناك تعليقات: