الخميس، 12 سبتمبر 2013

التردد الغربي في توجيه الضربة إلى النظام السوري

هل سوريا بحاجة لمجازر أخرى قبل توجيه ضربة إلى النظام؟


تردد الغرب بتوجيه الضربة إلى النظام السوري، يؤكد على أن الضربة بالأساس ليست مطلبًا غربيًا، وإنما هنالك وضع معقد داخل سوريا يشكل فرصة تتلاقى فيها بعض مصالح الغرب ومصلحة الشعب السوري.


ما يعيق توجيه الضربة هو أن حسابات الربح والخسارة لدى الغرب غير مشجعة كثيرًا، وهنالك الكثير من أعضاء الكونغرس يعارض الضربة لأنه غير مقتنع بأنها تخدم مصالح أمريكا بشكل واضح.


مصلحة الأمريكان في ضرب النظام السوري:


أولًا، خدمة الكيان الصهيوني بتدمير مخزون الأسلحة الاستراتيجية لدى سوريا، من سلاح كيماوي وبيولوجي وأنظمة دفاع جوي وصواريخ سكود وصواريخ ياخونت المضادة للسفن.


ثانيًا، تحسين سمعة الأمريكان في المجتمعات العربية من خلال تقديم دعم إلى الثورة السورية.


ثالثًا، تقوية موقف السعودية التي تسعى لاحتواء الثوار السوريين واختطاف ثورتهم، وحرمان أي فصائل ثورية معادية لأمريكا أو الكيان الصهيوني من أي أفضلية.


رابعًا، قد تكون الضربة قوية بما يكفي لإقناع النظام السوري بتسوية سياسية ربما تتضمن تقسيم سوريا إلى دويلات أو مناطق نفوذ، وهذا وضع مثالي بالنسبة للصهاينة والغرب عمومًا.


سلبيات ضرب النظام السوري بالنسبة للأمريكان:



أولًا، النظام السوري متهالك ومهترئ ومتآكل، وأي ضربة مهما تكن شكلية قد تتسبب بسقوطه نهائيًا، وفي أضعف الأحوال سيستفيد الثوار ميدانيًا ويتقدمون وخصوصًا في جبهة الشمال، وأمريكا لا تريد سقوط النظام بدون أن تضمن من سيحل مكانه، فقد يأتي نظام معادٍ بشدة لأمريكا والكيان الصهيوني أو قد تتفكك سوريا وتزدهر الجماعات الجهادية التي تحول سوريا إلى بؤرة جديدة للعمليات ضد الغرب والكيان الصهيوني.


ثانيًا، الخوف من الخسائر البشرية والتكلفة المالية العالية وخصوصًا من خلال التورط بعمليات برية، ورغم أن الإدارة الأمريكية لا تنوي التدخل بريًا، إلا أنه يبدو أن الكونغرس الأمريكي ما زال غير مقتنع بذلك.


ثالثًا، الضربات الجوية التي ينوي توجيهها أوباما لا تضمن تدمير مخزونات السلاح الاستراتيجي، وفي أفضل الأحوال ستدمر سلاح الجو السوري وأسلحة الدفاع الجوي، مما يجعل الهدف الأساسي من العملية مشكوكًا فيه.


أما خيار دعم الثوار السوريين بدون ضمانات حقيقية (وليس مجرد كلام) تقدم للأمريكان فهو ليس في وارد حسبان صناع القرار الأمريكان، بل ستجد منهم من يقلقه ذلك، فمصلحة الأمريكان والصهاينة هو استمرار الوضع القائم في سوريا إلى أطول مدى ممكن، لكي تستنزف المقدرات السورية إلى آخر درجة.


رابعًا، فرض حل سياسي ليس مضمونًا، فالنظام قد ينهار قبل بداية أي مباحثات سياسية، والأمريكان لا يستطيعون فرض حلول سياسية على الثوار الذين لا يقبلون أي حل لا يتضمن الإطاحة التامة بنظام الأسد.


خامسًا، الضغط الذي تمارسه الكنائس العربية ومسيحيي سوريا الذين يخشون من أن تعزز الضربة الموقف الميداني للجماعات الإسلامية المسلحة، الأمر الذي يعتبرونه تهديدًا لهم.


المستفيد الأول من الضربة:


المعني الوحيد بالضربة الجوية هم الثوار السوريون ليس فقط من أجل ردع النظام السوري عن استخدام السلاح الكيماوي، بل لأنه يعني تحييد قوته الجوية مما يتيح لهم التقدم الميداني على أكثر من جبهة، ولأنه يساهم بإخافة عدد كبير من ضباط وجنود النظام وإقناعهم بالانشقاق.


المبادرة الروسية:


وبناءً على ما سبق فالعرض الروسي يحل مشكلة الغرب في أنه يجعل سوريا تحت الوصاية الغربية ويقدم النظام كل ما يطلبه الغرب وبالأخص تدمير أسلحة الدمار الشامل، وليستمر بذبح الشعب السوري، ولتستمر حالة الانقسام فهذا ما يريده الأمريكان والصهاينة، ولا يمانع به الروس والإيرانيون الذين سيكتفون بموطئ قدم في دولة مفككة.


لكن برأيي العرض الروسي سيموت لأن النظام السوري غبي وغير متماسك ولا يتحكم بكافة قواته بالشكل الكافي، ولن يستطيع تلبية الطلبات المتشددة التي يضعها الأمريكان وحلفاؤهم في مجلس الأمن، كما أن هنالك ضغوط على أمريكا من حلفائها العرب (وخصوصًا السعودية وقطر) بالإضافة لتركيا من أجل المضي قدمًا بالضربة، وقد تكون هذه الضغوط بمثابة القشة التي ترجح خيار الضربة.


وفوق ذلك فتطبيق قرار أممي بتفكيك السلاح الكيماوي السوري غير قابل للتطبيق، فكيف ستتنقل طواقم المفتشين في بلد تشتعل فيه كل زاوية وشارع وحارة؟ وخاصة أن الثوار سيرفضون مثل هذا الحل وسيعملون على إفشاله لو حاول المجتمع الدولي تطبيقه، فهم يريدون ضرب النظام وليس تسليم مقدرات البلد إلى الغرب.


لذا فالمتوقع أن ترى الضربة العسكرية طريقها إلى النور في نهاية المطاف، وقد تحصل مفاجآت وتؤجل إلى وقت غير معلوم، لكن الثابت هو أن الضربة ليست مصلحة أمريكية خالصة، وما هو ثابت أيضًا أن الروس والنظام السوري لا يهمهم مصير البلد ولا مصير الدولة، فقط بقاء النظام بأي ثمن، ولو كان الثمن تقسيم سوريا.

ليست هناك تعليقات: