الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013

تمرد غزة: قصة فشل بامتياز!


تمرد غزة تقليد فاشل لتمرد مصر


عندما شكلت تمرد غزة من قبل أجهزة مخابرات السلطة في رام الله كان ضباط المخابرات والمهرج جمال نزال ومن لف لفيفهم يعيشون سكرة إطاحة تمرد بالرئيس محمد مرسي، متناسين أن ما أطاح به لم تكن جماهير الفوتوشوب التي وقفت ستة ساعات في مهرجان احتفالي ثم تركت الفاعل الحقيقي لينفذ الانقلاب بكافة أركانه.

في غزة: لا وجود للسيسي أو لجيش ينفذ انقلاب تمرد

مرسي لم يمسك الحكم فعليًا وإنما كان يحارب من أجل انتزاعه من الدولة العميقة ومن العسكر وعندما تجاوز الخطوط الحمراء التي رسمها العسكر، بدأوا التخطيط للإطاحة به وهكذا كان، أما حماس في غزة فهي أفشلت الانقلاب الذي خطط ضدها في العام 2007م ومنذ ذلك الوقت زادت تمكين نفسها على الأرض، لذا كان من السذاجة الظن أن تمرد غزة كان سيكتب لها النجاح بهذه الطريقة الساذجة.

لكن القوم أحبوا الدور وتقمصوه إلى أبعد الحدود، ولفت نظري مؤتمر صحفي عقدوه في القاهرة بمقر حزب التجمع اليساري (نشر على وكالة قدس برس) يوم الأحد 10/11، وسرد فيه خالد الجورة المتحدث باسم حركة "تمرد فلسطين" فيه برنامج "الأسبوع الأول للحملة الذي أطلق عليه النداء الأول يوم غد الاثنين (11/11) يعتبر يوم وطني لإحياء ذكرى عيد الكرامة للزعيم الراحل ياسر عرفات للتظاهر بالميادين العامة من الساعة 10 صباحًا، قبل الوقوف دقيقة حدادًا على روحه بقطاع عزة." وتضمن البرنامج زيارة أسر الشهداء اليوم الثلاثاء، وإعلان يوم الغضب الفلسطيني يوم غد الأربعاء، و"يتم خلاله إشعال إطارات السيارات بجميع الشوارع تعبيرًا عن رفض حكومة حماس."
 
ومر يوم الاثنين في غزة بهدوء تام وكان يومًا جميلًا وشاعريًا بالنسبة لبلد محاصر ومهدد من قبل الاحتلال الصهيوني، ويبدو أن اليوم وغدًا لن يختلفا في شيء، إلا أنه ولسبب ما عندما قرأت الخبر وعندما قرأت مطالبة نائب رئيس الحركة (أحمد الغنام) باعتبار حركة حماس حركة محظورة، تذكرت تلفزيون "إسرائيل" في سنوات الانتفاضة الأولى (ويومها لم يكن هنالك فضائيات ولا إنترنت).

لم يكن أمامنا مصدر للأخبار سوى تلفزيون العدو الذي كان يتحفنا بين الحين والآخر بأخبار عن توجيه ضربات قاضية لحركة حماس، وكل مرة كان التلفزيون يصر على أنه تم القضاء على الحركة نهائيًا.

وفي أحد المرات ذكروا رقم ألف معتقل (أو أكثر قليلًا) من قيادات وكوادر حركة حماس تم اعتقالهم، وأن الشيخ أحمد ياسين اعترف للمحققين بكافة هيكيلية الحركة، وأنه لن تقوم قائمة للحركة بعد ذلك، وطبعًا فرح خصوم الحركة ومن بينهم أنصار فتح بهذا الخبر، وكانوا يرددون أمامي بطريقة لا تخلو من تشفي أن الشيخ أحمد ياسين اعترف على كل قيادة الحركة، وتساءلوا بخبث: كيف يثق أبناء الحركة بهكذا قائد لم يبق شيئًا إلا واعترف به.

طبعًا اليوم يترحمون على الشيخ أحمد ياسين لأنه عند ربه، فالحمساوي الجيد عندهم هو الحمساوي الميت، ومثلهم يترحم الانقلابيون اليوم في مصر على الشهيد حسن البنا، وكذا سيترحمون على خالد مشعل ومحمود الزهار غدًا عندما يتوفاهم الله، وسيكررون علينا إسطوانة أن حماس ضاعت من بعدهم.

مختصر الكلام أن حماس واجهت منذ يومها الأول محاولات التدمير والسحق والتشويه والإشاعات والحرب النفسية والحرب الفعلية، ولم يفلح أي من ذلك ولم تنجح خططهم، وعلى العكس استمرت وتقدمت وأصبحت في المقدمة، وأما تلفزيون "إسرائيل" فتوقف بعد فترة عن ترداد موشح أنه تم القضاء على حماس، لأن الأمر بدأ يأتي بنتيجة عكسية وأصبح الناس يسخرون من مصداقيته.

واليوم يأتي علينا حفنة من صبية مخابرات سلطة رام الله وفسيل يساري مصري (أتحدى أن يصل عدد أعضائه ومؤيديه ومناصريه إلى الألف الذين اعتقلهم الاحتلال المذكورين أعلاه)، ليحاولوا صناعة ثورة وهمية استهزأ بها واحتقرها أبناء فتح قبل أبناء حماس، ومن غبائهم أصروا على الإعلان عن جدول زمني مما أفقدهم عنصر التخويف والحرب النفسية (الشيء الوحيد الذي امتلكوه).

لا أقول هذا الكلام تقليلًا من شأن المؤامرات التي تحاك ضد حماس والمقاومة في غزة، فالاحتلال يحكم الحصار بمعاونة عسكر مصر، في محاولة للوصول بقطاع غزة إلى مرحلة الجوع والإنكسار، تمهيدًا لجر القطاع إلى فوضى الاقتتال الأهلي والغضب من حركة حماس، لكنها خطة ما زالت تتعثر ولم تستطع الإقلاع، لأسباب عديدة أبرزها تعثر انقلاب مصر، وأيضًا بسبب تجربة تمرد الفاشلة والتي أدى فشلها في اشعال الوضع إلى نتيجة عكسية تمامًا.

ومن المفارقات أنه في نفس اليوم الموعود الذي ضربته تمرد اندلعت مواجهات عنيفة في الضفة الغربية بما أحرج مشروع السلطة (الراعي الرسمي لتمرد) للتنسيق الأمني مع المحتل الصهيوني.

ليست هناك تعليقات: