الجمعة، 22 نوفمبر 2013

كلمات عن الشهيد عبد القادر صالح


كانت أول مرة أتعرف عليه في لقاء أجراه معه تيسير علوني تابعته على فضائية الجزيرة قبل حوالي خمسة أشهر، وذلك ضمن سلسلة لقاءات مع القادة العسكريين للثورة السورية.

وللأمانة فعندي حساسية من "القادة" الذي يظهرون على الفضائيات خلال الثورات والانتفاضات، لأن أغلبهم مجرد فقاعات إعلامية تجيد التسلق على أكتاف وجهود غيرهم؛ وذلك من تجربتي مع رموز تم تلميعها في فلسطين وهي لا تسوى في ميدان النضال شيئًا، ومن رؤيتي لنفس النموذج يتكرر في مختلف الميادين الثورية بعالمنا العربي.

كان اللقاء مع الشهيد هو الوحيد من سلسلة اللقاءات الذي تابعته حتى النهاية فقد شدني مستوى الوعي العالي لديه، رغم أنه لا خلفية سياسية له ولا أكاديمية، وخبرته في الحياة كانت محصورة بالتجارة وبعد الثورة انتقل ليحمل السلاح، لكن فطرته السليمة وذكاؤه الفطري أظهرا وعيًا عميقًا أعجبني  .

لكن سألت نفسي ألا يمكن أن يكون من المتسلقين إياهم؟ خاصة وأن للجزيرة لها أسبقيات بتلميع الفقاعات وتحميلها وزنًا أكبر مما تحتمل، بعدها سألت نفسي وأنا أتابع كلامه ووجهه السمح أيعقل أن هذا ممثل؟ أيعقل أن تتكلم فقاعة بهذا الوعي والعمق؟ فالفقاعة تنمق الكلام لكنها تبقى سطحية، ثم تساءلت: لماذا ليس كل قادة الثورة السورية بمثل هذا الوعي؟ أيعقل أن هذا قائد حقيقي له وزن في الميدان؟ أم مجرد شخص واعٍ يقود تشكيل عسكري صغير؟

لقد حيرني أمره وتمنيت أن يكون أغلب القادة العسكريين والسياسيين بنفس مستوى وعيه، وكم كنت أتألم من أخطاء الثورة السورية التي أطالت عمر النظام وخدمت أعداء الثورة، ومرت الأشهر واستشهد لكن لم أربط اسمه مع الشخص الذي أعجبني وشدني بوعيه وعمقه وبساطته  .
 
كما لم يلفت نظري كثرة بيانات النعي وموشحات الرثاء، وذلك لأن من عاداتنا السيئة في عالمنا العربي أن نكرم المتوفى بأسباغ سيلًا من الصفات الرائعة والجميلة التي يستحقها ولا يستحقها، بل وقد رأيت عملاء حتى النخاع وقد مدحوهم عند وفاتهم (وخاصة إن قتلوا)، فلم تعد موشحات الرثاء والحزن تؤثر بي لأن أغلبها كذب ودجل.

ما شد نظري هو صورته التي انتشرت في كل مكان، فهذا وجه مألوف لي، ثم سمعت أنه كان له لقاء على فضائية الجزيرة، فذهبت لاتقصى فوجدت هو نفسه، كما اكتشفت أنه كان له لقائين (مرة مع تيسير علوني والثاني مع أحمد زيدان)، كان هو ذلك الثائر البسيط الواعي المدرك لما يريد والحافظ للبوصلة والمسار.



ورغم أني ما زلت أؤمن بأن أغلب من يظهرون على الفضائيات هم من الفقاعات، إلا أن الشهيد أثبت أنه كان من القلة الصادقة لذا فأنصحكم أن تحضروا اللقائين بالإضافة للإطلاع على حسابه على التويتر.

 
رحم الله الشهيد واسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقًا .

لقاء الشهيد مع تيسير علوني على شكل نص من هنا:
 

ليست هناك تعليقات: