الجمعة، 29 نوفمبر 2013

"الأهالي الشرفاء" يحاربون الانتفاضة الثالثة





وصل الوضع في الضفة الغربية حدًا مقلقًا بالنسبة للاحتلال والسلطة الفلسطينية، وإن لم يعلنوا ذلك بشكل واضح وصريح في العلن لكن تصرفاتهم وأفعالهم في الميدان هي أقوى اعتراف لهم بحجم مأزقهم الكبير، فما بدت أنها موجات موسمية للمواجهات مع جيش الاحتلال وعمليات فردية طارئة، بدأت تتحول تدريجيًا إلى انتفاضة ثالثة تنضج على نار هادئة.


لم تعد السلطة تجرؤ على التصرف بهذا الشكل الفج مع راشقي الحجارة
فنرى اليوم السلطة تستورد أسلوب "الأهالي الشرفاء" من مصر من أجل قمع المتظاهرين الذين يرشقون جنود الاحتلال بالحجارة، وذلك لأن المزاج الشعبي العام لا يتقبل من السلطة أن تقوم بهذا الدور القذر، والكثير من أبناء فتح يشاركون بإلقاء الحجارة، وإرسال رجال الأجهزة الأمنية لقمعهم سيصيب حركة فتح بصدع داخلي.

فكان الحل الإبداعي إرسال رجال أمن بلباس مدني تحت مسمى الأهالي الشرفاء ليتولوا مهمة قمع شبان الانتفاضة، فهكذا يخدمون أسيادهم الصهاينة، وبنفس الوقت يتنصلون من القمع أمام المجتمع الفلسطيني وأمام أنصارهم.


فنزول مؤيدي فتح من الفتية وطلاب المدارس للمواجهة مع الاحتلال هو بمثابة المحفز للتفاعل (بلغة أهل الكيمياء)، فأبناء حماس لا يخرجون لوحدهم لكي لا يكونوا في مواجهة السلطة والاحتلال بنفس الوقت، ولو خرج أبناء حماس فأبناء الفصائل الأخرى لن يشاركوهم حتى لا يتهموا بأنهم "حماس"، لكن عندما ينزل أبناء فتح إلى جانب أبناء حماس فسيتشجع الجميع للنزول إلى الميدان، أما السلطة فستواجه مأزق ومعضلة كبرى مع قواعدها الشعبية.


لكن السلطة لها دور لا تستطيع الخروج عنه، ولها حسابات التنسيق الأمني مع الاحتلال وهو أولويتها الأولى والأخيرة، وإن كانت تتغنى دومًا بالمقاومة الشعبية فهي تقصد المقاومة الفولوكلورية، ومقاومة إشعال الشموع، ومقاومة عزف الموسيقى على الحواجز و"دئي يا مزيكا"، أما المقاومة التي تؤذي الاحتلال وتضعه في الزاوية فهذا خط أحمر تضعه السلطة ولا تسمح بتجاوزه، فهذه سلطة سقفها الأعلى مقاومة الفوتوشوب.


وإلى جانب ظاهرة "الأهالي الشرفاء" التي تحاول السلطة فرضها على الشارع من أجل كبت الغليان الشعبي وإجهاض الانتفاضة الثالثة، نجد اليوم حملة إعلامية تمارسها أبواق السلطة تصف بها إلقاء الحجارة بالحكي الفاضي، متناسين أن السلطة نفسها لم يكن مقدرًا لها الوجود لولا انتفاضة الحجارة، لتكون سلطة الحكي الفاضي مثل الذي استخدم المقاومة سلمًا للحصول على امتيازات والصعود على ظهر الشعب ثم سحب السلم (بحسب تعبير السيسي قدوتهم العليا).


ونجد مثل محافظ طولكرم يوجه الدعوة لأبناء المدينة من أجل "تفويت الفرصة" على الاحتلال وعدم رشق دوريات الاحتلال التي تقتحم المدينة بالحجارة حتى "لا نعطيهم الذريعة"، فهو يريد من الشعب الفلسطيني أن يكون حضاريًا في تعامله مع الاحتلال ويتبع "مقاومة إتيكيت" ليس مهمًا شكلها لكن المهم أن لا تستفز الاحتلال ولا تزعجه ولا تعيق عمله.


في الانتفاضة الأولى لم يكن أحد ليجرؤ على منع الشبان من إلقاء الحجارة رغم أن الصهاينة كانوا يستخدمون سياسة العقوبات الجماعية على نطاق واسع، فيجرفون الأشجار ويغلقون المحال ويفرضون حظر التجوال لأيام وأسابيع، لكن الحكم الثوري لشباب الانتفاضة كان يعاقب بشدة أي شخص يظهر ضعفًا ويحتج على إلقاء الحجارة أو لا يلتزم بالإضرابات.


من الانتفاضة الأولى - انتفاضة الحجارة

وهكذا أحرقت محلات لأن أصحابها لم يلتزموا بالإضراب وأحرقت حافلات كانت تقل العمال إلى المستوطنات وداخل فلسطين المحتلة عام 1948 أيام الإضراب، ولم يكن وقتها أي أهالي شرفاء ولا ما يحزنون، وذلك ببساطة لأن الأهالي الشرفاء مجرد عناصر في أجهزة السلطة الأمنية لا أكثر.


* يظهر الفيديو التالي رجال أمن السلطة في طولكرم وهم يحاولون منع طلاب جامعة خضوري من إلقاء الحجارة على دوريات الاحتلال، مقطع يلخص المشهد الحالي في الضفة (ستلاحظون في الصورة كيف يركل رجل الأمن أحد السيارات الفلسطينية المارة برجله ولا أدري سببًا لذلك!!):



** ويظهر الفيديو التالي صدامات بين شبان والشرطة التابعة للسلطة في الخليل قبل حوالي العام، والتي اندلعت على خلفية منع الشرطة إلقاء الحجارة على قوات الاحتلال الصهيوني في ذكرى انطلاقة حماس:



ليست هناك تعليقات: