السبت، 30 نوفمبر 2013

أكذوبة السلفية الجهادية في الضفة


اختلفت مع كثيرين حول انتماء شهداء ‏يطا الثلاثة، بمن فيهم الأستاذة لمى خاطر لكن أحدًا من الذين اختلفت معهم أو عرف الشهداء عن قرب أو بعد لم يتجاوز القول بأن انتماءهم المزعوم إلى السلفية الجهادية هو انتماء بالفكر وليس انتماءً تنظيميًا.


المهم لدي في هذا المقام هو البيان الصادر عن ما يسمى بمجلس شورى المجاهدين، والذي لا يتبنى الشهداء الثلاثة فحسب بل "يبشرنا" بوجود العديد غيرهم متأهبين ومستعدين للعمل.


هذا البيان يثبت ما قلته سابقًا أن هذا المجلس ليس إلا تنظيمًا وهميًا لا وجود له على الأرض، وهو يتتبع الأحداث على مواقع الإنترنت ويفصل بياناته بناءً عليها، ليس أكثر من ذلك وقد بينت ذلك سابقًا من خلال عدة بيانات كان يستقي معلوماتها من أخبار المنتديات والتي كثيرًا ما كانت غير صحيحة.


ومثال ذلك بيان سابق لهم يتكلمون فيه عن اعتقال حكومة غزة عناصر تابعة للمجلس أطلقوا صواريخ على الكيان قبل يومين من صدور البيان، وليعزز مصداقيته ذكر البيان أن أهالي هؤلاء المعتقلين خرجوا في اعتصام مطالبين بالإفراج عنهم.


وعندما عدت لصور ذلك الاعتصام وجدت هؤلاء الأهالي يطالبون بالإفراج عن أبنائهم المضربين عن الطعام منذ ستة أيام! يعني أنهم كانوا معتقلين منذ فترة، وبدأوا إضرابهم عن الطعام قبل إطلاق الصواريخ! فكيف أطلقوا الصواريخ (كما زعم البيان) وهم داخل السجن مضربون عن الطعام؟


كل ذلك يثبت أن المجلس إما أنه مجموعة من المراهقين يريدون الترويج للسلفية الجهادية أو أنه واجهة لجهات استخبارية تريد أن تثبت لنا أن هنالك مجموعات تحمل هذا الفكر الموتور الذي يكفر كل من ‏حماس و‏فتح وكافة الفصائل الفلسطينية.


ويثبت كلامي أن الوحيدين الذين تكلموا عن وجود امتدادات تنظيمية للقاعدة في الضفة هم صحفيون صهاينة شغلوا خيالهم وأطلقوا له العنان في وصف شبكات كبيرة ومعقدة للتنظيم بالضفة.


وذلك رغم أن أبناء الضفة لم يلمسوا أي وجود تنظيمي للقاعدة ورغم أنه لم نر شيئًا يثبت هذا الوجود، فالمطلوب صهيونيًا هو اختلاق وافتعال هذا الفكر واختلاقه، لكي ينشغل المجتمع الفلسطيني في احتراب ذاتي، ولإنقاذ الصهاينة من الانتفاضة الثالثة التي باتت أقرب إلى الواقع هذه الأيام.


وأكثر من ذلك سنجد أنّ السلطة معنية أيضًا بترويج فكرة بروز تيار قوي جديد في الضفة يمثل القاعدة، ونجد ذلك من خلال تقارير تنشرها المواقع التابعة للسلطة مثل وكالة معا ووكالة سما وتنسبها إلى صحافة الاحتلال.


من ذلك ما ذكره تقرير لوكالة سما منقول عن مصادر صهيونية مجهولة (وهي الطريقة المعتادة لأجهزة أمن السلطة لتمرير معلومات مغلوطة) أن "جهاز المخابرات الإسرائيلية" (يقصدون الشاباك) يعتقد "أن عناصر ما سماها بالمجموعة السلفية الجهادية بخلاف نظرائهم من التنظيمات اليسارية أو العلمانية أو الإسلامية التقليدية ليس من السهل تبديل قناعاتهم حتى لو تم اعتقالهم والإفراج عنهم بعد سنوات طويلة فإنهم يعودون الى العمل المسلح."


هنا نرى نفخًا إعلاميًا للسلفية الجهادية قائم على كذبة فاضحة فأغلب الأسرى الذين يخرجون من سجون الاحتلال، وعلى رأسهم أسرى حماس (الإسلامية التقليدية كما جاء في العبارة)، يعودون للعمل المقاوم المرة تلو المرة، وأي شخص لديه أقارب أو معارف في سجون الاحتلال سيكتشف أن هنالك قسم كبير جدًا من أسرى حماس (وأخصها بالذكر هنا لأنها المستهدفة من هذا الكلام) تتناوبهم سجون الاحتلال والسلطة، ولا أظنهم يزورون السجن شوقًا أو للتواصل الاجتماعي!


وإن أردت سرد على مستوى القيادات من عادوا للعمل المسلح بعد سجنهم فهنالك الشهداء عادل عوض الله، ويحيى عياش، وأحمد الجعبري، وصلاح شحادة، وإبراهيم المقادمة وغيرهم، ومن الأسرى إبراهيم حامد كلهم اعتقلوا مرة أو أكثر على قضايا عسكرية أو شبه عسكرية عند السلطة وعند الاحتلال، وبعد الإفراج عنهم كانوا يعودون كل مرة للعمل العسكري.


عمر البرغوثي (أبو عاصف)
كما لا أنسى النائب عن حماس في سجون الاحتلال محمد أبو طير الذي اعتقل بقضية عسكرية في أوائل السبعينات، ثم أفرج عنه في صفقة 1985م ثم عاد عدة مرات على قضايا عسكرية وغير وعسكرية، وعمر  البرغوثي (أبو عاصف) والذي حكم بالمؤبد بتهمة قتل مستوطن أوائل الثمانينات ثم خرج في صفقة تبادل 1985م، ثم سجن مرة أخرى بتهمة إيواء يحيى عياش، ثم سجن مرة بعدها بتهمة تقديم المساعدة والدعم لخلية عين يبرود في انتفاضة الأقصى.


والقائمة تطول ولا تنتهي، لكن هنالك حاجة لخلق أسطورة اسمها السلفية الجهادية في الضفة، وذلك من خلال تمرير كذبة أنهم أكثر صلابة ويقينًا وثباتًا من أنصار حماس، وحتى تكتسب هذه الكذبة مصداقية تغلف بأقوال منسوبة لمخابرات الاحتلال (كون أكثر شعبنا عنده عقدة نقص ويصدق ما يقوله المحتل).




الاحتلال له هدفه وهو إشغال المجتمع الفلسطيني بفتنة السلفية الجهادية وتكفيرها للجميع، وللسلطة هدف قريب من ذلك وهو تشويه العمل المقاوم وإيجاد ذريعة لكي تحارب كل أشكال المقاومة في الضفة، وهي متواطئة مع الاحتلال رغم أنها نفت رسميًا مزاعمه بانتماء الشهداء للسلفية الجهادية، لكن عندما تحرك أدواتها الإعلامية مثل سما ومعًا من أجل ترداد أكاذيب الاحتلال فهي تكشف لنا عن حقيقة ما تتم حياكته في الظلام.
 



ليست هناك تعليقات: