الخميس، 13 فبراير 2014

مساعي الصلح بين الخيمة الشامية والخيمة القبلية




كان أجدادي يعيشون في "حوش العيلة" وكان والد جدي الحاج حمدي، وجيه البلد وللمحتاج أكبر سند، وبعد الزلزال الكبير قبل عشرات السنين تفرقت العائلة في الأقطار والبلاد.

أما جدي أبو السعيد فأقام خيمة في الجهة الشامية (الشمالية باللهجة الدارجة) من الحوش، وأخيه أبو العبد أقام خيمة في الجهة القبلية (الجنوبية)، وقال الجميع لننتظر المهدي المنتظر، لعله يعيد بناءه على أحدث طراز وبأجمل أبهة.

مرت الليالي والأيام ونحن غارقون في الآمال والأحلام، ومالنا ومال كثر الكلام، بالأمس كانت مشكلة أكبر من أي ورطة، فأولاد عمومتنا في الخيمة القبلية كانوا يغنون وبالتسلية يمرحون، وكان أعينهم الصدئة تنظر لنا نظرة استهزاء ومسخرة.

لم يقبل الضيم عمي أبو همام، فتوجه إليهم وهددهم بالموت الزؤام، فأشرأبت الأعناق وشتمه إئمة النفاق! منذ متى والأقزام يتطاولون على الأئمة العظام؟

هاج الشباب وقالوا إما الانتقام أو الموت الزؤام، وما طول حياتنا في الخيام، لولا أولئك القوم اللئام، وبينما نحن نتأهب للهجوم والانتصار لكرامتنا المصونة، جاءنا الخبيث ابن العم أبو العريف، يطلب الصلح والوئام، وأي صلح مع القوم الأقزام؟
 
الدم النجس يسير في أعراق القبالة (أهل الخيمة القبلية) منذ جد جدهم الأول، وما عهدنا لهم إلًا ولا ذمة، فلماذا نقبل الصلح والتصالح، مع قوم لا يأكلون الموالح؟ مع قوم يجدون في الحلويات ملذة وفي السهرات مودة؟

نحن قوم جِدة وهمة لا نرضى الضحك وحوشنا مهدوم، ولو ساعدونا في بنيانه لكان اليوم يناطح الغيوم، لكن ماذا نقول في قوم رضعوا الخسة والنذالة، ولم يعرف جدودهم طريقًا للأصالة؟

وقبلها جاؤونا ليتواسطوا لابنتهم أم الرعد الذي طردها ابن خيمتنا أبو الرعد، والذي وضع لسفاهتها ألف حد، ومالكم تتدخلون في شؤوننا الداخلية؟ أتدرون ما ظروفنا الحالية؟ أم أنكم تريدون تمرير مؤامراتكم الدولية؟ أنتم من بلد ونحن من بلد، أنتم عاداتكم وتقاليدكم عنا تختلف، فلماذا لا توقفون عن عادة دحش الأنف؟

لكن الكبار أبو فهمي وأبو رسمي قرروا التنازل، والقبول بالنزول إلى رأي الحكماء في عظيم المسائل، وما للمبادئ حل غير الدم على الأرض سائل، فإما أن نسكت عن أولئك سكان الخيام، أهل القبالة والقبلة منهم براء، ونموت حفاة في العراء، أو أن نطفق طعنًا وذبحًا بأعناق الأعداء، فلا نامت أعين الجبناء.

لن تقوم أساسات حوشنا المهدوم، إلا باقتلاع جيراننا أصحاب العقل المسموم، ممن يأكلون المنسف البلدي، في الوقت الذي نعاني فيه من التشرد الأبدي، فكيف نصالح وفيهم الصالح والطالح؟ فليطهروا الصفوف من كل طالح وآكل ملفوف.

وليسكتوا كل محرض منهم علينا لئيم، وبعد ذلك من الممكن أن نتكلم عن حقن دماء المسلمين، أما أن يطعنونا بلسان كالسكين، وبعد ذلك يأتوننا مهادنين، فذلك ما يأباه العرف والدين.

يا معشر قومنا...

عاشت خيمتنا الشامية شامخة حرة أبية، ولتسقط كل خيام الذل والعار، فسنحاربهم في الليل والنهار، حتى يكون حليفنا الانتصار، إننا لن ننسى حوشنا العظيم مثلما نسيه أعداءنا اللدودين، أعداء الدنيا والدين، من القبالة المرذولين، فنحن من خيمة العز والإباء التي تتكسر عليها المؤامرات كالصخرة الصماء.

ليست هناك تعليقات: