الجمعة، 14 فبراير 2014

ماذا يعني حذف الديانة من بطاقات الهوية في الضفة؟



عندما سمعت عن حذف الديانة من بطاقات الهوية ظننت أن الأمر عبارة عن خلل فني، لكن سرعان ما تبين أن هنالك قرار بذلك، وأتحفنا وكيل وزارة الداخلية حسن علوي بأن هذا القرار يأتي تطبيقًا للقانون الأساسي لعام 1995م والقائم على عدم التمييز بين المواطنين على أساس الدين.
 
ومثل كل القرارات المخزية يجب تزيينه بغطاء وطني كاذب، حيث زعم أن وضع الديانة كان بطلب من الاحتلال، والسلطة تمكنت من انتزاع موافقة الاحتلال على إلغاء الديانة، وهذا كلام دجل وغير حقيقي للتستر على ما حصل.

أولًا: إلغاء الديانة كان مطلبًا للعلمانيين واليساريين، المصابين بحساسية من كل ما يمت للدين والإسلام بصلة، وربما بعضهم مغتاظ لأنه لا يمكن وضع كلمة "ملحد" أو "كفار قريش" في خانة الديانة، أما الأكيد فأنهم وحدهم من كانوا يطالبوا كل هذه السنين بحذف كل ما له علاقة بالدين من حياتنا ومن بينها المسمى في الهوية.

ثانيًا: إذا كان زعمه بأن الاحتلال أرغم السلطة على وضع الديانة في بطاقة الهوية، فمن الذي أرغم السلطة على تخصيص مقاعد في المجلس التشريعي وحجزها للمسيحيين؟ ومن الذي أرغم السلطة على حجز رئاسة بلديات مثل رام الله وبيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور وبيرزيت للمسيحيين ومنع المسلمين من تولي رئاستها رغم أن المسلمين أغلبية السكان في أكثر هذه البلديات؟
لماذا لا تتكلم السلطة عن التمييز الديني ضد المسلمين في هذه القوانين؟

ثالثًا: بعد إلغاء الدين من الهوية كيف ستتمكن لجنة الانتخابات من فرز المرشحين على المقعد المسيحي؟ لو تقدمت أنا مثلًا للترشح عن هذه المقاعد وقلت لهم أني مسيحي فكيف سيتأكدون من ذلك؟
 
رابعًا: هذا القرار يتيح للمسلمة الزاوج من مسيحي، وهذا أساس وأصل القرار، وهو أن تلغى الاعتبارات الدينية من الزواج والميراث، تمهيدًا لما يسمى بالزواج المدني.
وقد يقول قائل أن شهادة الميلاد ستحتوي على الديانة، فإذن ما الداعي لإلغاء الديانة من الهوية؟ ما دام بقيت في سجلات الداخلية ديانة كل شخص منا؟
أم أنها خطوة تمهيدًا لإلغاء الديانة أيضًا من شهادات الميلاد؟ وبعدها إلغاء معاملات الزواج والطلاق والميراث من المحاكم الشرعية؟

خامسًا: ما دام هذا القرار إنجاز وفتح كبير، لماذا تم اتخاذه في السر مثل اللصوص والسراق؟ ولماذا اكتشف ذلك المواطنون صدفة؟ لماذا لم يتم الإعلان عنه مسبقًا؟

سادسًا: الديانة لم تزعج المواطن الفلسطيني لا المواطن المسلم ولا المسيحي، فقط حفنة من العلمانيين والملحدين.
ما يزعجنا كلنا هو الكتابة بالعبرية على بطاقات الهوية، وما يريده المواطن أن لا يتم إرجاع المرضى من حاجز إيريز بسبب ترويسة "دولة فلسطين"، فهل تستطيع السلطة إنجاز هذه الأمور؟
لا داعي لتزيين قراراتكم بلباس وطني لا يلائمها.

سابعًا: ليس صحيحًا أن الاحتلال وحده الذي يكتب الديانة في بطاقات الهوية، بل هذا موجود في أغلب الدول العربية والإسلامية التي يوجد بها أكثر من ديانة واحدة.
كما الاحتلال لا يميز بالمعاملة بين المسلم والمسيحي، وبطاقة هوية المستوطن والصهيوني مختلفة تمامًا عن بطاقة هوية السلطة. فأين مصلحة الاحتلال في إجبار السلطة على وضع خانة الديانة؟

ثامنًا: بالنسبة لي وللكثيرين فخانة الديانة لا تقدم ولا تؤخر كثيرًا، لكن لماذا تتم إزالتها؟ ولماذا تأتي قلة ملحدة وقليلة دين تفرض علينا أجندتها؟ وما هي الخطوة التالية؟
المسيحيون في الضفة يشكلون أقل من 4% من السكان، وبالإمكان تمييزهم من أسمائهم وأسماء عائلاتهم ومن أشكالهم، فمن أراد التمييز لن تعجزه بطاقة هوية، رغم أنه لا توجد حالات تمييز حسب ما نرى ونسمع ونلاحظ.

تاسعًا: هذه خطوة باتجاه العلمنة وإقصاء الإسلام من حياتنا، فمن لا يتحمل وجود كلمة الإسلام في أمور شكلية فلن يتحملها في الأمور الأساسية.

وأخيرًا أشير إلى أن المسلمين والمسيحيين واليهود والسامريين عاشوا لأكثر من 1300 عام، في ظل حكم إسلامي، بدون أن يكون هنالك اضطهاد أو هضم لحقوق أحد، رغم المنغصات والإشكاليات البسيطة التي كانت تظهر بين الحين والآخر.

وفي المقابل ثبت أن كل من حارب الدين بحجة المساواة والعلمانية كان أبو الإقصاء والقمع والاضطهاد، ولنا في حكم البعث حامي الأقليات في سوريا أكبر مثال ودليل.

ليست هناك تعليقات: