الجمعة، 18 أبريل 2014

بعيدًا عن العواطف: أين أخطأ الهباش؟



محمود الهباش أتحفنا بعبارات الإدانة لقتل المستوطن والضابط في الاستخبارات العسكرية الصهيونية، مؤكدًا على أن الدم الفلسطيني والإسرائيلي متكافئين وغاليين.


ورغم محاولته تبرير الأمر بأنه كان يريد من الصهاينة أن يدينوا أيضًا أعمال القتل التي تحصل للفلسطينيين فهذا عذر أقبح من ذنب، بل وأكد أن محمود عباس كرر نفس كلامه أمام وفد صهيوني.


أولًا: كيف تقول السلطة أنها ضد الاستيطان الصهيوني وهي تعتبر حياة المستوطن المعتدي مساوية لحياة الفلسطيني؟


ولا نتكلم عن مستوطن طفل أو كبير بالسن أو إمرأة ولا حتى عن مدني، بل نتكلم عن عسكري، وليس ذلك العسكري الذي يطلق النار على الفلسطينيين، بل هو ضابط في الاستخبارات العسكرية ومسؤول عن أعمال التجسس، بكلام آخر أمثاله هم من يعطون التعليمات بقتل الفلسطينيين.


إذن أين هو الجهاد وأين هي المقاومة؟ إن كان دم هذا المجرم معصومًا، وإن كان قتله داخل الضفة محرمًا فلا يعود أي معنى للجهاد ولا للمقاومة.


ثانيًا: أنا مع إدانة أي قتل يتعارض مع مبادئي وقناعاتي حتى لو كانت ضد عدوي، وقد سبق وأن أدنت قتل يهودًا يعيشون في اليمن أو في أوروبا، فنصرة فلسطين لا تعني قتل الأبرياء ممن لا ذنب لهم.


ولست ضد من يدين قتل الأبرياء في الغرب أو الشرق، لكن هل هذا بريء حتى ندين قتله بهذه الطريقة؟


ثالثًا: أفهم أن يقول الهباش أو غيره أن "مصلحة الشعب الفلسطيني" تقتضي عدم الدخول في مواجهة الآن، فإن كنت أرى العكس تمامًا، لكن هذا يبقى أهون من أن أعتبره مرفوضًا من حيث المبدأ.


رابعًا: إدانته هو تشريع للاستيطان، وموافقة عليه، لأنه يعتبر الفلسطيني والصهيوني متكافئين، وليس المعتدي كالضحية، فإما أن الصهيوني معتدي وبالتالي دمه لا يستوي مع دم الفلسطيني، وإما أنه جار ومشاكلنا معه لا تحل بالعنف.


وإما أن الاستيطان مشروع وبالتالي يحقن دم المستوطن، وإما أن الاستيطان غير مشروع وبالتالي يتحمل دم المستوطن من أرسله ليغتصب أرضًا ليست له.


هل رأيتم أحد في العالم يلوم صاحب المنزل إن قتل اللص المسلح؟


خامسًا: حتى في ظل منظومة السلطة السلامية وحسابات العلاقات العامة مع الغرب والكيان الصهيوني، كان بإمكانه الإدانة بطريقة تنزع الشرعية عن الاستيطان بدلًا من إسباغ الشرعية عليه.


كان بإمكانه القول: ""لقد حذرنا من الاستيطان وأنه سيكون سببًا لتخريب الاستقرار ومثل هكذا جرائم"".


وهكذا لا يخرب العلاقات مع الاحتلال وأمريكا ويدين العملية، وبنفس الوقت ينزع الشرعية عن الاستيطان.


سادسًا: يقول أنه أراد أن يدين الصهاينة قتل الفلسطينيين، وأرد عليه وماذا نستفيد؟ من قتل هذا الضابط سيعاقب ويسجن وفوق ذلك إدانة، أما من قتل الفلسطيني فأكثر ما نتمناه هو إدانة بدون عقاب للقاتل؟

ليست هناك تعليقات: