الجمعة، 20 يونيو 2014

خيار الإبعاد خط أحمر ولا يجب أن يمر


خطف الجنود الثلاثة تغيير لقواعد اللعبة

مع حديث الاحتلال عن نيته إبعاد عدد من قيادات حماس والأسرى المحررين إلى قطاع غزة، يجب أخذ الأمر على محمل الجد رغم أنه قد يكون مجرد جزء من الحرب النفسية لا أكثر، إلا أن تكرار التهديد والكلام عن تحويل القضية إلى المستشار القضائي كلها مؤشرات تشير إلى أنه احتمال قائم.

وفي ظني أن الاحتلال حاليًا هو في مرحلة جس النبض محاولًا التنبؤ بردات الفعل على هكذا قرار قبل اتخاذه، وهو لا يأتي ضمن عملية الانتقام من حماس فحسب بل ضمن خطة أوسع لتفريغ الضفة من النخب السياسية المقاومة وذلك تحت إطار عملية تهويد وضم الضفة إلى الكيان الصهيوني.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الاحتلال يمارس الإبعاد كأداة للقمع وضرب الحركة الوطنية منذ احتلال الضفة وقطاع غزة عام 1967م واستمر الأمر وصولًا إلى الانتفاضة الأولى، لتكسر هذه السياسة بعد عملية الإبعاد إلى مرج الزهور (والتي جاءت إثر خطف الجندي الصهيوني نسيم طوليدانو)، وبعدها كسرت سياسة الإبعاد بشكل نهائي.

إلا أن الاحتلال عاد لها وهذه المرة بموافقة السلطة بعد حصار كنيسة المهد عام 2002م والقبول بصفقة الإبعاد إلى غزة وإلى الخارج، وكان الإبعاد محكومًا بسقف زمني لم يحترمه الاحتلال، وبعد صفقة الوفاء للأحرار تكررت الصفقات وأبعد أيمن الشراونة وهناء الشلبي إلى قطاع غزة.

وبغض النظر عن السياق والتبريرات إلا أن ما حذرت منه وقتها نراه اليوم، وهو سعي الاحتلال إلى تثبيت حقه في إبعاد النشطاء من الضفة إلى قطاع غزة، وما كان إبعادًا بالمفرق يراد له اليوم أن يكون إبعادًا بالجملة والاحتلال ينوي إبعاد العشرات (كما يقال) على الأقل، وإذا حسبنا عائلاتهم فالعدد الفعلي سيكون المئات.
 
وللأسف كان التعامل سابقًا مع مسألة الإبعاد إلى غزة ساذجًا وضيق الأفق وعاطفيًا، فكنا نسمع تبريرات تزين الإبعاد مثل: أن الإبعاد أقل ألمًا من الأسر، وأنه لا فرق بين غزة والضفة فكلها فلسطين (أو كما يقول البعض لا نعترف بسايكس بيكو)، وأن غزة ترحب بالمقاومين وستكون الحاضن لهم بدلًا من الضفة التي تقمعهم.

يا سادة يا كرام القصة ليست مضافة "الحج مازن القبج" التي ترحب بالجميع، وليست بحثًا عن مصالح شخصية لهذا الأسير أو ذاك المقاوم، وإلا فلماذا نلوم قادة فتح وقد باعوا فلسطين من أجل مصالح شخصية؟ من يستثقل دفع ثمن السير في طريق المقاومة فليعتزلها، ومن ركب القافلة لا يجوز له أن يوقفها في منتصف الطريق ويقول لقد تعبت أوقفوا المسير.

فلسطين أكبر من كل المصالح الشخصية ومؤامرة الإبعاد لا تمس الأفراد بل تمس القضية الفلسطينية في جوهرها، هي ضمن مخطط صهيوني لضم حوالي نصف أراضي الضفة إلى الكيان، وإلى حشر قطعان مسالمة من الفلسطينيين في النصف الآخر، والمطلوب هو تفريغ الضفة من الكفاءات العلمية والنخب الأكاديمية من خلال الحصار الاقتصادي، وتفريغها من الطبقة المناضلة والمقاومة من خلال التضييق بلقمة العيش والدفع بهم للهجرة إلى ماليزيا والخليج وأوروبا ومن لا يهاجر يتم تهجيره.

القضية ليست مفاضلة بين هذه القطعة من الوطن وتلك، ولا معنى للنعرات المناطقية السخيفة في مثل هذه المواقف، بل هنالك مخطط لتفريغ جزء من الوطن يجب الوقوف في وجهه، وفي مثل هذا الموقف فإن أبي سايكس وأمي بيكو، ولن أقبل بإعادة تموضع السكان بناءً على احتياجات الاحتلال العدوانية.

رفض الإبعاد وكسره يعني عرقلة عملية تهويد الضفة وضمها، والمعركة المقبلة خلال الشهور والسنوات القادمة هي معركة الضفة، فإما أن ننتصر فيها كما انتصرنا في غزة أو ننكسر ووقتها تضيع الضفة وتصبح فلسطين كلها كالأندلس فردوسًا مفقودًا نبكيه ولا نعمل على عودته.

وقد أحسنت حماس في إعلانها موقفًا رافضًا للإبعاد وتهديدها بأنها لن تسمح بمروره مرور الكرام لو حصل، ويجب أن يرافق ذلك مواقف شعبية ورسمية فلسطينية توضح بأنه خط أحمر لا يجوز عبوره، بل أكثر من ذلك يجب أن يكون هنالك وقفة من أجل مواجهة عمليات التهجير الداخلية التي تتم في الضفة وتفريغ مناطق مثل غور الأردن وشرقي القدس ومناطق ما خلف جدار الفصل العنصري من الوجود الفلسطيني.

والمطلوب في حال نفذ الاحتلال تهديده الآتي:

أولًا: تصعيدًا عمليًا من جانب حركة حماس والمقاومة الفلسطينية، وعدم الاكتفاء بالإدانة والتنديد.

ثانيًا: أن تعلن حماس والحكومة الفلسطينية عدم استقبال المبعدين في غزة ورفض دخولهم.

ثالثًا: ان يعسكر المبعدون عند حاجز إيريز وأن يرفضوا مغادرة المكان حتى لو كان ثمن ذلك دمهم.

رابعًا: أن تخير حماس رئيس السلطة محمود عباس بين الذهاب إلى محكمة الجنايات الدولية والأمم المتحدة من أجل محاسبة الكيان على جريمته أو إنهاء المصالحة بشكل نهائي، وأن تنفذ التهديد في حال لم يستجب عباس.

خامسًا: التواصل مع الدول العربية والإسلامية والأوروبية من أجل دفعها للضغط على الكيان وإلغاء القرار.

 
تجربة مرج الزهور يجب أن تكون قدوة في حال تنفيذ الإبعاد

لقد جاء إبعاد مرج الزهور في ظل وضع كانت فيه حماس أضعف وأقل قدرة على التأثير، ومع ذلك فقد تمكنت من إفشال قرار الإبعاد وأكثر من ذلك فقد أغلقته وبشكل نهائي، وحتى اليوم أقصى ما يقوم به الاحتلال هو الإبعاد الداخلي (وليس إلى خارج فلسطين)، وهذا يجب كسره وبشكل نهائي أيضًا.

ليست هناك تعليقات: