الثلاثاء، 19 أغسطس 2014

خطا كبير يقع به من يشبه ما تقوم به داعش بالدولتين الأموية والعباسية


من المذابح العدمية لداعش


أرى البعض يشبه المجازر التي ترتكبها داعش سواء في العراق أو سوريا بما قام به الأمويون أو العباسيون أو العثمانيون لدى إنشاء دولهم، والخلافات والصراعات بين الخلفاء والملوك والسلاطين عبر التاريخ الإسلامي الطويل.

وهذا خطأ كبير يقعون فيه، سواء كان ذلك تبريرًا لأفعال داعش أو محاولةً بريئة لفهم حالة سفك الدماء التي تركتبها داعش، وذلك عندما يبحثون عن حالة مشابهة لها في التاريخ الإسلامي، وهنا تقع المغالطة الكبرى عند مقارنة داعش انطلاقًا من الاسم الذي تطلقه على نفسها (دولة الخلافة) بغيرها من دول الخلافة الحقيقية (وليس الفوتوشوبية كما هو واقعها).

وأريد هنا أن أضع جوانب فساد الاستدلال والمقارنة:

أولًا: كان العباسيون والعثمانيون والأمويون يمارسون السياسة بلغة عصرهم، والقائمة على المؤامرات والدسائس والقتل والقسوة بالتعامل مع الخصوم، هكذا كان المجتمع البشري كله وليس المسلمون فقط.

والإسلام جاء ليهذب هذه الأخلاقيات وليقضي عليها، ووضع أسسًا لذلك في القرآن والسنة النبوية، وبالتالي فلغة السياسة في تلك العصور تتنافى مع جاء به الإسلام من تحريم لقتل النفس الإنسانية بغير حق.

أما داعش فهي لا تمارس السياسة بلغة عصرنا بل تدعي ممارسته بلغة عصر سابق رغم مخالفته لما جاء به الإسلام!
 
ثانيًا: كان اختيار أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان وفق الأخلاقيات الإسلامية الصحيحة والتي كانت سابقة لزمانها، ومع وفاة الصحابة بدء الناس يعودون لممارسة السياسة باللغة التي اعتادوا عليها قبل الإسلام، مع قليل من التهذيب بتأثير من الأخلاقيات الإسلامية.

فالذي يجب أن نقتدي به هو الأصل الذي جاء به الإسلام لا الإنحراف عنه.

ثالثًا: الكثير من الأرقام التي تم تناقلها في كتب التاريخ مبالغ بها وغير حقيقية ولا يجب أن نأخذها كمسلمات، مثل من يقول أن العباسيين قتلوا 600 ألف بعد انتصارهم على الأمويين، هذا رقم يستحيل أن يكون صحيحًا، مثل هذه المجازر لا يمكن أن تكون ارتكبت بهذا الحجم في ذلك العصر وفي فترة زمنية قصيرة.

رابعًا: فوق عدم دقة كتب التاريخ فيما تنقله هنالك حوادث تاريخية تم اختلاقها أو تعسف بتفسير حوادث حصلت بشكل ممجوج، مثل من يفسر قضاء صلاح الدين الأيوبي على الفاطميين بأنه قام بقتلهم وذبحهم وارتكاب مجازر على الطريقة الداعشية.

لا يوجد أي مصدر تاريخي يتكلم عن مجازر ومذابح ارتكبها صالح الدين بحق الفاطميين، وهو قلب التوجه الديني لمصر بدون ارتكاب مجازر أو مذابح، وتفسير كلمة "القضاء على الدولة الفاطمية" بأنها مذابح عشوائية على الطريقة الداعشية، لا يخرج إلا من شخص أمي وصاحب هوى.

خامسًا: (وهي أهم نقطة) جميع الملوك والخلفاء والسلاطين الذين قتلوا، إنما قتلوا خصومًا ومنافسين لهم على الحكم، أما داعش فهي تختلق الأعداء اختلاقًا، والقاعدة عمومًا وليس فقط داعش عندها القتل العشوائي شيئًا من المسلمات، بالله عليك مجزرة المستشفى العسكري في اليمن ما كان الهدف منه؟ عندما تقتل مرضى وأطباء هل ستصل إلى الحكم؟

القاعدة عمومًا وداعش خصوصًا عندها عبثية وعدمية بالقتل، الكثير من أعمال القتل والصراعات التي يخوضونها عبثية لا هدف مفهوم من ورائها، مثل ذبح اليزيديين وتهجير المسيحيين من الموصل، ومن لا يدرك عدمية داعش فهو لا يدرك حجم المشكلة التي نقف أمامها.

سادسًا: أبو العباس السفاح دخل في صراع مع حليفه أبو مسلم الخرساني بعد تأسيس الخلافة العباسية وانتصارهم التام على الأمويين، داعش استبقت الأمور وتصارعت مع حلفائها قبل أن تبنى الدولة!! تصوروا أناس يختلفون على الغنائم قبل أن تكون هنالك غنائم.

هذا يدل على خبل موجود في العقلية الداعشية يضاف إلى انعدام الأخلاق وقلة الفهم الشرعي، أناس ليسوا بالأسوياء عقليًا، ولهذا السبب لم تستمر أي دولة أو إمارة للقاعدة طوال السنوات العشر الماضية، كلها مشاريع كيانات فاشلة.

سابعًا: داعش ليست دولة ولا تمتلك مكونات الدولة، لا بمعايير عصرنا ولا العصور السابقة، وليس كل من زعم أنه أصبح دولة معناه أنه فعلًا دولة، وكما نبهني بعض الإخوة فأي دولة هذه التي ما زال موظفوها في الرقة يتقاضون الرواتب من نظام الأسد وفي الموصل يتقاضون الرواتب من الحكومة العراقية؟

داعش بعدمتيها وعبثيتها والخبل الذي يعشش في عقول القائمين عليها ليست أكثر من عصابة مسلحة تمتلك آلة دعاية شيطانية، فالمقارنة بين قيام الخلافة العباسية والخلافة البغدادية لا تصح ابتداءً، لأنه الخلافة البغدادية ليست أكثر من خلافة على الفوتوشوب، وعصابات تتنقل في شمال سوريا والعراق تعيث خرابًا وتهلك الحرث والنسل.

دولة داعش تذكرني بدولة الخمير الحمر الشيوعية في كمبوديا التي قامت وانتهت في خمس سنوات، كانت مليئة بالمجازر والمذابح راح ضحيتها مليونين كمبودي من أجل دولة شيوعية مثالية كانت في خيال القائمين عليها.

ليست هناك تعليقات: