الأربعاء، 1 أكتوبر 2014

لماذا مريم المنصوري بالذات؟





الاحتفال بمشاركة مريم المنصوري بالضربات الجوية ضد داعش في سوريا والعراق، أمر مقصود ومخطط له، وليس مجرد احتفال وقح بمشاركتها في هذه الضربات.

القائمون على حكم الإمارات والسعودية بالتحديد هم طبقة تربت في المدارس والجامعات الغربية منذ أن كانوا أبناء أمراء ومسؤولين، وهم يحملون الفكر العلماني المعادي ليس فقط للتيار الإسلامي بل لمجتمعاتنا الإسلامية بشكلها التقليدي أيضًا.

هم ورثوا دولة ومجتمعًا يحتكم إلى عادات وتقاليد تعطي الإسلام مكانة كبيرة، وهم لا يستطيعون تغييرها في يوم وليلة، لذا يلعبون لعبة خبيثة وبتوجيه وتنسيق مع الأمريكان، من خلال ترك العنان لما يسمون "علماء دين جهلة" للكلام عن رضاع الكبير وزواج المسيار وتحريم قيادة المرأة للسيارات وتحريم الديموقراطية والانتخابات والحريات.

وفي نفس الوقت يطرحون أنفسهم كـ "مسلمين متنورين علمانيين"، وحتى لا يكون هنالك نموذج إسلامي راقي ينافسهم، يعادون ويقمعون كل إسلامي "فهمان" فإما أن يزج به في السجون أو تسحب جنسيته أو يقصى من الفضائية التي يقدم بها برامجه أو يتعرض لحملة تشويه إعلامي، حتى يصور الأمر: إما نحن المتنورون المنفتحون على العالم وإما داعش ومشايخ الحيض والنفاس.

إشراك المنصوري وتسليط الأضواء عليها تأتي ضمن هذا التوجه، فالحرب ضد داعش والتي يريدون من خلالها ربط كل ما هو إسلامي وديني بداعش (وأغلب الناس لديهم فكرة سلبية عن داعش)، وتأتي مقابل داعش هذه المرأة المتحررة التي تقصفهم بالطائرات وتتفوق عليهم.

فالمطلوب منها استفزاز الإسلاميين والمجتمعات العربية من خلال ما يسمونه "العلاج بالصدمة"، وذلك من خلال صورة صادمة للمجتمعات الخليجية التي تعتبر قيادة المرأة للسيارات شيئًا من المحرمات، وأنه آن "الأوان للتحرر من قيود الدين والمجتمع والمشايخ"، أما داعش التي تمثل "الإسلام" كما يزعمون (وكما يزعم نتنياهو أيضًا) فستهزم على يد المتحررين والمتنورين مثل المنصوري وأشكالها.

لهذا نرى الاحتفالية المبالغ بها بهذه المرأة وما تقوم به، وفي المقابل نكتفي نحن بالتحسبن والسب والشتم، دون إدراك أبعاد اللعبة التي يحيكها الأمريكان باستخدام أدواتهم في الإمارات والسعودية من أجل سلخ مجتمعاتنا العربية عن إسلامها، ليس بقوة السلاح بل من خلال الحرب الإعلامية والنفسية.

ليست هناك تعليقات: