الجمعة، 10 أكتوبر 2014

الصراع الديني في فلسطين: شبهة ملحد والرد عليها



طرح أحد الملحدين (أو حسب قوله يؤمن بوجود الله لكن يكفر بالأديان) الشبهة الآتية:

 

أن الأديان هي سبب الصراع على هذه الأرض "الملعونة" (كما يسمي فلسطين)، وأن الحل حسب ما يقول أن نكفر بكل هذه الخزعبلات التي تتكلم عن قدسية فلسطين.

 

وأرد عليه بالآتي:

 

صحيح أن البعد الديني هو محور القضية الفلسطينية، لكن هل تعلم أن مؤسس "دولة إسرائيل" ديفيد بن غوريون وصاحب مشروع طرد وتهجير الشعب الفلسطيني هو ملحد بالمعنى الحرفي للكلمة؟

 

ومثله أكثر القادة المؤسسين للكيان الصهيوني مثل موشيه ديان وغولدا مائير، والصهيونية نفسها هي عقيدة علمانية تؤمن مثلها مثلك أن كل ما جاء بالتاريخ عن موسى وبني إسرائيل هي خزعبلات وخراريف عجايز.

 

لهذا اختلقت الصهيونية أكذوبة أن اليهود هم شعب وأن اليهودية هي قومية وليست ديانة، وأن كل ما جاء في التوراة هي خزعبلات من تأليف أجدادهم، لكن مع ذلك فلهم الحق المطلق في فلسطين، فما الذي استفدناه من إلحادهم وكفرهم بالأديان؟ المجازر هي ذاتها والتهطير العرقي هو ذاته.

 

وفي المقابل نجد الحركات الإسلامية وعلى رأسها حماس تدافع عن حق الشعب الفلسطيني ضد الطرد والعنصرية الصهيونية وضد سرقة أرضه وضد القتل والاضطهاد، وتعتبره جزء من دينها وعقيدتها الإسلامية، فهل هذه خزعبلات وكلام فارغ؟ نعم الخزعبلات إذن.

 

أكبر الجرائم ضد الإنسانية في العصر الحديث ارتكبها علمانيون وملحدون، ومسؤول عنها إيديولوجيات لا تؤمن بالأديان السماوية:

 

الاتحاد السوفياتي وتجربته بقتل الملايين من أجل الفكرة الشيوعية التي أعلنت محاربتها للخزعبلات الدينية فاخترعت بدلًا منها أوثانًا وأصنامًا اسمها لنين وستالين.

 

تجربة الخمير الحمر في كمبوديا وقتلهم أكثر من مليوني شخص من أجل إقامة مجتمع شيوعي مثالي (بين عام 1970م و1975م).

 

النازية والفاشية كعقائد تؤمن مثلك يا ملحد بأن الأديان خزعبلات وكلام فارغ، كانت مسؤولة عن قتل الملايين في بداية القرن الحالي.

 

وحتى داعش التي تستخدم للتدليل على "همجية الإسلام"، لو درسنا واقعها جيدًا فسنجد أن أسوأ ما فيها قادم من المجتمعات العلمانية التي تربى بها الدواعش، والمبادئ العلمانية التي تشربوها دون أن يشعروا.

 

أنظروا إلى جنسيات الذين يشكلون العمود الفقري لداعش؛ أغلبهم قدموا من بلدان حكمتها لعقود طويلة أنظمة لا تؤمن بدين وطبقت علمانية حاربت كل القيم الدينية: البعث بجناحيه العراقي والسوري، والنظام العلماني التونسي، والنظام الشيوعي الذي حكم القوقاز والاتحاد السوفياتي.

 

كلهم أناس تربوا في مجتمعات وتحت ظل أنظمة حكم استباحت إنسانية البشر، واعتبرت أن حياتهم لا قيمة ولا وزن لها وأن الإنسان أقل من حشرة، والمفهوم الوحيد فيها عن السياسة والحكم هو اضطهاد الشعب وانتهاك آدميته.

 

وهكذا عندما قرروا أن يتبنوا نهجًا إسلاميًا حملوا معهم عقيدة انتهاك آدمية الإنسان التي تربوا عليها في ظل أنظمة لا تحترم الدين وتحاربه.

 

وقد لاحظت في فيديوهات داعش كيف نسخوا أساليب التعذيب والإهانة من الشبيحة والبعثيين حتى في أدق تفاصيلها والتي تتناقض بشكل جلي مع الشرع مثل تعرية المعتقلين!

 

وحتى لو سألتهم لماذا تفعلون كذا، سيكون الرد عليك بأن "أمريكا فعلت.."، يعني أمريكا هي قدوتها، وهم يحاربونها من خلال تقليدها.

 

ولهذا السبب أرفض وصف داعش بالمتشددين أو الخوارج لأن شرورها ناجمة عن جهل تام بالدين، وليس فهمًا خاطئًا له، وهذا يعرفه جيدًا من خالطهم.

ليست هناك تعليقات: