السبت، 15 نوفمبر 2014

الصدامات التي وقعت في أبو سنان بين المسلمين والدروز




أولًا: الخلفية التي وقعت بسببها هذه الصدامات مساء أمس هي خلفية وطنية بامتياز، سببها تراكمات نتيجة لخدمة الدروز في الجيش وتصدرهم للمهمات القذرة مثل منع المسلمين من دخول الأقصى والخدمة في حرس الحدود وما إلى ذلك.

والسبب المباشر كان اعتراض بعض الدروز على حملات تضامن مع الأقصى في مدارس القرية ولبس الكوفية الفلسطينية، وتطور ذلك إلى شتم النبي محمد عليه الصلاة والسلام.

ثانيًا: الاحتلال الصهيوني يتعمد وضع الدروز (وغيرهم من فلسطينيين) في المواقع التي يوجد بها احتكاك مع الفلسطينيين الآخرين من أجل زيادة الشرخ القائم (سياسة فرق تسد).
 
والاحتلال (اليهود) لن يقف علنًا إلى جانب الدروز في أبو سنان، لأنه لو فعل ذلك سيتحول الغضب الفلسطيني ليكون موجهًا ضد اليهود وضد دولة الاحتلال، لذا سيبقى دعم الاحتلال للدروز سرًا ليؤجج الخلافات من وراء الكواليس.

ثالثًا: من يخدم في جيش الاحتلال أو يعترض على نصرة الأقصى دمه مهدور بغض النظر عن طائفته أو جنسه أو معتقده، فهذا ثابت من الثوابت غير قابل للنقاش، وكلامي في النقاط التالية لا يتعارض معه.

رابعًا: ارجو أن لا ننزلق إلى لغة الردح الطائفي (وضع عشرين خط تحت كلمة ردح)، تلك اللغة المستوردة من الإعلام المخابراتي الخليجي والتي ورطت الثورة السورية بانشقاقات وصراعات داخلية نرى اليوم نتيجتها بكل أسف.
 
نفس اللغة التي أقرفتنا تحذيرًا من الحوثيين، وعندما كانت مصلحة أمريكا أن ينتصر الحوثيون، انخرست كل المحطات وكل ما يسمون بالعلماء وما هم بعلماء، والقلة المخلصة من الدعاة التي كانت تلحق بهذا الركب عن سذاجة وقلة وعي، تخلصوا منها سجنًا أو إقصاءً مثلما حصل مع الشيخ محمد العريفي.

خامسًا: لا يجوز لنا فلسطينيي الضفة وغزة أن نطالب أهل أبو سنان أو غيرها بالنظر إلى الطائفة الدرزية بمنظورنا نحن.
 
فنحن لا نعرف من الدروز إلا ضباط حرس الحدود وعناصر الشاباك والسجانين، بينما المجتمع الدرزي أكثر تنوعًا من ذلك، والأهم من ذلك هنالك نسيج اجتماعي في أبو سنان وغيرها من قرى الشمال، واستخدام لغتنا أو اللغة الطائفية التي تحرض على كل الدروز، يعني ببساطة تفتيت وتدمير النسيج الاجتماعي.
 
ولن يدفع الدروز وحدهم الثمن بل سيدفعه كل المجتمع الفلسطيني هناك.
 
بالنسبة لنا في الضفة وغزة لا توجد أمامنا معضلة في التعامل مع الدرزي فهو لا يأتينا إلا مدججًا بالسلاح تحت راية "دولة إسرائيل"، لكن من يعيش معهم بنفس القرى ونفس البيئة الاجتماعية أمامه معضلة بين واجبه الوطني وبين الحفاظ على النسيج الاجتماعي.

سادسًا: لا تعني الدعوة للحفاظ على النسيج الاجتماعي والبعد عن الردح الطائفي أن نسكت على عمالة البعض، لكن نحاربهم لأنهم عملاء وليسوا أبناء الطائفة الفلانية، حتى لو كانوا يشكلون غالبية هذه الطائفة.

سابعًا: في هذه الحالة والحالات الأخرى (مثل التعامل مع السلطة) ارجو الابتعاد عن النظرية الفاشلة التي تقول أن قتال العدو القريب أولى من قتال العدو البعيد.
 
هذه النظرية الفاشلة ورطت الثورة الفلسطينية في صراع بالأردن مع النظام ثم في لبنان ورطتها في الحرب الأهلية، وكانت النتيجة أن خسرنا اثنين من أهم الجبهات في مواجهة الاحتلال الصهيوني.
 
وهذه النظرية دمرت الثورة السورية بشكل مريع، وانتقل الثوار من محاربة النظام إلى محاربة العلمانيين ثم إلى محاربة "الإسلاميين المعتدلين"، وأخيرًا إلى اقتتال السلفية الجهادية بين أجنحتها؛ النصرة وأحرار الشام وداعش.
 
التعامل مع العمالة عندما تكون على شكل قطاع اجتماعي كامل (حزب أو شريحة مجتمعية أو طائفة دينية) يختلف عن التعامل مع العمالة كظاهرة فردية، في الحالة الأولى يجب أن تحذر من الانحدار في صراع داخلي دموي يستنزفك وينجي العدو الأصلي من بأسك، وفي الحالة الثانية تكفيه رصاصة في رأسه.

ثامنًا: وقبل إلقاء المحاضرات علي عن "سذاجتي" و"انخداعي" بالدروز فأشير إلى أن احتكاكي الشخصي مع الدروز كان من خلال جنود حرس حدود وغيرهم من أبناء المؤسسة الأمنية الصهيونية، وهي تجربة لم تعطني أي انطباع إيجابي عنهم، بل رأيت حقارتهم وقذارتهم ولست بحاجة لأن يخبرني أحد بها.
 
لكن في عالم السياسة لا يجوز لك تحكيم عواطفك بل عقلك الذي يجب أن يعمل، حتى لا تدفع أنت الثمن وينجو عدوك بفعلته.

ليست هناك تعليقات: