الأحد، 14 ديسمبر 2014

علاقة حماس وإيران



قبل أسبوع زار وفد من حماس إيران، واليوم أبو عبيدة شكر داعمي حماس وخص بالذكر إيران وقطر وتركيا، طبعًا هنالك من دينهم يقول أن أي دولة تدعم حماس فهي دولة شيطانية، وبالتالي فذكر الدول الثلاث تثير حساسيته (نسأل الله أن يزداد تحسسًا)، وهذه النوعية من الناس لا تهمني، لذا اتمنى أن نتخلى عن سذاجتنا بشتم تركيا وقطر فقط لإرضاء المزايدات التافهة.

أما إيران فهي قصة أخرى لأن للمعترضين عليها وجهة نظر معتبرة ومحقة، وهنا لا بد من وضع النقاط على الحروف حتى لا نبلع الطعم مرة أخرى:

أولًا: إيران قدمت الدعم لحماس (وسوريا وحزب الله) في السابق، رغم حرص الكثير من مؤيدي حماس على نفي ذلك حرجًا من التهمة، لكنها ليست تهمة لكي يسعى الإنسان لنفيها.
فحماس رغم الدعم إلا أنها اتخذت موقفًا مبدئيًا من سوريا وهذا يحسب لها.

ثانيًا: لنرجع ثلاثة أعوام إلى الخلف عندما شنت حملة إعلامية بقيادة الإعلام الخليجي والسلفي والسذج من الإخوان ومؤيدي حماس، من أجل خروج قيادة حماس من سوريا، لأن وجودها كان يعرقل نجاح الثورة السورية كما كانوا يزعمون.

ثالثًا: يومها قالوا أن الدعم الخليجي والعربي والإسلامي سينهمر على حماس ليدعمها بدل العلاقة مع إيران وسوريا.


رابعًا: بسبب تعقد الوضع السوري الداخلي وازدياد ضغوط النظام على قيادة حماس، والضغوط الداخلية لقاعدة حماس، خرج مشعل وقيادة الحركة من سوريا، وقطعت العلاقة وتوترت مع المحور الإيراني كله.

خامسًا: لم تنتصر الثورة السورية بعد خروج مشعل بل تعقدت لأسبابها الخاصة، وأصبح الوضع السوري أكثر سوءًا، وهذا يدل على أن حجة وجود حماس "يلمع النظام" ويساعد في بقائه لم تكن أكثر من كلام فارغ لا قيمة له.
فالنظام قائم بفعل تحالفات طائفية أقوى من كل المبادئ، وأيضًا بفعل استخدام القوة المسلحة العارية من أي غطاء إعلامي.

سادسًا: بعدها هدأت الحملات الإعلامية التي تشيطن النظام السوري والنظام الإيراني، وبدأنا نسمع عن ضرورة الحوار مع الأسد، وذلك لأن الهدف كان خروج حماس وإبقائها بلا غطاء سياسي، ومن أجل تدمير سوريا وإدخالها في حرب أهلية، وقد تحقق الهدفان ولم يعد هنالك داعي لشيطنة إيران والنظام الأسدي.

سابعًا: تركت حماس بلا نصير ولا دعم، وكل من وعدها خيرًا لم نر منه إلا كل شر، والكل تآمر، وأقلهم سوءًا اكتفى بمشاهدة حماس والتشفي بها.

ثامنًا: تبين لنا أن الخطر الإيراني ليس أعظم من الأمريكي، والدليل أن أغلب الثورات المضادة انطلقت برعاية أمريكية سعودية إماراتية (واكتفى الإيرانيون بالشماتة)، والأخطبوط الأمريكي أكثر تغلغلًا في منطقتنا العربية بمرات عديدة.
وأن إيران بمصادرها وقوتها ورجالها لا تقارن قوتها بما تمتلكه أمريكا من إمكانيات مادية وقوة عسكرية وعملاء متغلغلين في عمق الدول العربية.
وأن أكبر كذبة صدقها الكثير من الناس كانت إعطاء الأولوية لمحاربة إيران، وترك أمريكا وعملائها بحجة أن أمريكا عدو مكشوف، وإيران عدو مستتر، فجائتنا "الخوازيق" من العدو المكشوف تترًا، والعدو المستتر لم يعد مستترًا ويتقدم على حسابنا مستفيدًا من الضربات الأمريكية التي استهان الكثيرون بها.

تاسعًا: الأعداء يتواصلون والأعداء يتفاوضون، والأعداء يتزاورون، فهذه من ثوابت السياسة في العالم، فمجرد زيارة وتواصل حماس مع إيران ليس خطأ ولا عيب.

عاشرًا: سواء تكلمنا عن زيارة حماس أو كلمة أبو عبيدة، فهي لا تقدم ولا تؤخر بالوضع السوري أو اليمني، فالناس في سوريا واليمن ليسوا حمقى ليتوقفوا عن حرب الأسد أو الحوثيين لمجرد أن أبو عبيدة قال كلمته هذه.

حادي عشر: وفي المقابل عندما تكونون في موقف تحز السكاكين رقابكم، فأي شيء للتخلص من ذلك قد يبدو مباحًا على قاعدة أن الضرورات تبيح المحظورات.
وحماس لن تفعل أي شيء، وقد قالها عزت الرشق في تصريح صحفي قبل الزيارة إلى إيران بيوم أنها لا تعني وجود تغيير في مواقف وسياسة الحركة، وأنه لا زيارة قريبة لخالد مشعل إلى إيران.
فتصريح صحفي هنا وزيارة هناك لن تقوي إيران ولن تلمع وجهها الذي تلطخ بدماء المسلمين، لكنه قد يخفف التوتر مع حماس ويسمح لعودة الدعم المادي إلى حماس.

ثاني عشر: تذكروا أن إيران تمددت وصورتها الإعلامية كانت بالحضيض، مستفيدة من الطعنات الغادرة التي وجهها عملاء أمريكا إلى الإسلاميين في أكثر من دولة عربية، فالصورة الإعلامية ليست كل شيء، والتصريحات والكلام لا يجب أن تعطى أكبر من حجمها الذي تستحقه.

ثالث عشر: عدم تذكر الخطر الإيراني إلا عندما تكون حماس في الصورة لا يعني غير شيء واحد أن حماس المستهدفة وليس إيران.

رابع عشر: الثوار السوريين استعانوا بأمريكا واستعانوا بأوروبا واستعانوا بأنظمة الخليج، رغم أنهم لم يقدموا شيئًا ملموسًا للثورة السورية، هذا إن لم يكونوا سببًا في انحراف بوصلتها، ولا أحد يلومهم على ذلك بحكم المضطر وحكم الاضطرار.
وبفعلهم هذا لا يضرون القضية الفلسطينية ولا يؤذونها.

خامس عشر: التنظير من أبراج عاجية سهل جدًا، وأن تقول أنا ضد أمريكا وضد إيران وضد إسرائيل، ولا نريد إلا الاعتماد على سواعدنا، كله كلام سهل.
لكن على الأرض وفي الميدان فالسياسة هي فن الممكن، والمزايدات هي فن المفلس.

ليست هناك تعليقات: