الثلاثاء، 31 مارس 2015

في يوم الأرض: نحو خطوات عملية لتحرير فلسطين




رغم أهمية التمسك بحقنا في فلسطين والتأكيد على ذلك في كل مناسبة، إلا أن عدم اتخاذ خطوات عملية نحو تحرير فلسطين يكرس وجود الكيان الصهيوني أكثر وأكثر، ويجعل لحظة التحرير أكثر بعدًا.

وما ألحظه أن غالبية العرب والفلسطينيين حصل لديهم تطبيع مع الأمر الواقع الذي فرضه الصهاينة، وأصبح الاحتلال من المسلمات، صحيح أننا نلعنه لكن لا نفكر جديًا بطريقة عملية لإزاحته عن الوجود، ونسلي أنفسنا بأن كل شيء مؤجل إلى أن تصبح الظروف جاهزة، وهي ذات الحجة التي نسمعها منذ 67 عامًا.

لذا حتى نخرج من حالة الانتظار إلى حالة الفعل يجب البدء بسلسلة خطوات، تخدم الهدف الأساسي الذي نريد تحقيقه، وقبل كل شيء يجب الاتفاق على هذا الهدف.

الهدف الأساسي:

عندما نتكلم عن تحرير فلسطين فالهدف يمكن تلخيصه: بتفكيك المشروع الصهيوني والحفاظ على الهوية العربية الإسلامية لهذه الأرض، فعند الوصول إلى هذه النتيجة يمكننا القول أننا أتممنا المهمة بنجاح.

تجزئة الأهداف والمرحلية:

ولما كان المشروع الصهيوني أخطبوطًا وصاحب إمكانيات هائلة جدًا، ويتلقى كل الدعم من الغرب ومن أمريكا على وجه التحديد، وبما أننا رأينا حجم التحدي في إزالة أنظمة عربية تحميها جيوش صدئة، فالسؤال المشروع هو كيف سنحارب ثالث أقوى جيش في العالم؟
 
لهذا لا بد من تجزئة الهدف إلى أهداف أصغر، مثل: استنزاف العدو الصهيوني، ونزع الشرعية الدولية عنه، والمرحلية في تحرير الأرض، وحصاره اقتصاديًا وإعلاميًا وديبلوماسيًا، وما إلى ذلك.

ربط الأهداف المرحلية مع الهدف الأساسي:

لقد حقق النضال ضد الاحتلال في الفترات السابقة (وبالأخص الانتفاضتين وحروب غزة الثلاثة) هدف استنزاف العدو، لكن مع عدو صاحب إمكانيات هائلة فالمطلوب استنزاف أكبر، كما ينقصنا الرؤية بعيدة المدى، أي كيف نرى هذه الإنجازات الصغيرة ضمن الهدف الأكبر؟

فعلى سبيل المثال البعض لا يمانع بهدنة عشرين عامًا مقابل فك الحصار عن غزة، حسنًا ألا يقوض ذلك إمكانية تحرير باقي فلسطين في المستقبل، لأن الكيان سيستغل تلك الفترة لتكريس وجوده في فلسطين؟

والبعض يستهين بأشكال النضال المختلفة لأنه يراها عديمة جدوى، مثل الحصار الإعلامي للكيان الصهيوني والمقاطعة العالمية، هي قليلة الجدوى بحد ذاتها لكن عندما ننظر إليها كعمل تراكمي تجتمع فيه كافة أشكال النضال، فوقتها يمكن أن نلمس الفرق مع مرور الزمن.

النضال من أجل الأرض:

ولما كانت الأرض (واللاجئين) عنصرًا أساسيًا في الصراع مع الكيان الصهيوني، وفي ذكرى يوم الأرض، أريد أن نناقش مقترح نبدأ به من أجل تنشيط العمل النضالي وأخذ خطوات جديدة نحو هدف التحرير، مع التأكيد على أهمية أشكال النضال الأخرى والمتنوعة.

وهنا لا بد من تسجيل حالة الاستنزاف التي وصلت لها المقاومة المسلحة سواء في غزة أو الضفة، وأنها في ظل الظروف الحالية وصلت إلى أقصى حالات العطاء تقريبًا، وأن المقاومة المسلحة لا تشمل جميع قطاعات المجتمع (المقاومين لا يتعدى عددهم بضعة الآلاف فأين باقي الفلسطينيين والعرب؟) ولا تشمل كامل الجغرافية، وفي ظل وضع عدم الاستقرار في المحيط العربي، فالمطلوب التفكير بوسائل جديدة تعمل بشكل رديف وموازي.

وما اقترحه في هذا الصدد هو التركيز على جزئية محددة ننطلق منها، وهي الأراضي والعقارات التي يمتلكها اللاجئون الفلسطينييون، والتي تتحكم بها مؤسسة صهيونية حكومية تسمى "حارس أملاك الغائبين"، فمن ناحية القوانين العالمية فهذه أملاك لها أصحاب ويحق لهم المطالبة بها (هم أو ورثتهم).

الكيان الصهيوني يحرمهم من ذلك بحكم الأمر الواقع وبحكم البلطجة والعنصرية، وللأسف رغم أننا كلنا نعلم هذه الحقيقة البدهية لكن لا أحد يستغلها على أي مستوى من مستويات النضال، ونأخذها كأمر مسلم به، وأنها ستحل بعد التحرير لكن لماذا لا نجعل منها منطلقًا نحو التحرير؟

وبكلام آخر لماذا لا نجعل المطالبة بهذه الأملاك مدخل لتحريك القضية الفلسطينية بعد الطريق المسدود الذي وصلت إليه باقي الطرق (بما فيه العمل المسلح)، وذلك لتحقيق الأهداف التالية:

أولًا: حتى لا يستريح الاحتلال في ظل وقف المقاومة المسلحة، نريد فتح ملف جديد للتضييق عليه.

ثانيًا: لاستغلال الطاقات الفلسطينية والعربية غير المستغلة حتى الآن، سواء داخل فلسطين أو خارجها، وهم الغالبية العظمى من الناس.

ثالثًا: حتى نغير من نفسية الفلسطينيين والعرب، فنحن لا نريد فقط أن نتذكر فلسطين، نريد العمل على استعادتها، صحيح الخطوات متواضعة لكن كفيلة بأن تشعرهم داخليًا بأن هنالك ما يمكن عمله، وكما يقولون النجاح يجر النجاح، والعمل يجر العمل، بدأنا اليوم بخطوات صغيرة وغدًا سيأتي من يفكر بخطوات أكبر.

رابعًا: من أجل تجديد الخطاب الإعلامي؛ لأن الإعلام يتكلم بنفس المواضيع عن الحصار والمستوطنات والأسرى، وهذه أمور على أهميتها فقدت بريقها الإعلامي، ومن أجل تحريك الناس يجب أن تجدد خطابك كل فترة، وبما أن ملفات القضية الفلسطينية عديدة بإمكاننا فتح ملفات جديدة كل مرة حتى نحافظ على الزخم الإعلامي.

خامسًا: من أجل إرباك المستوطن الصهيوني الذي يسكن على أرض أو في منزل غيره، فما دام لا أحد يطالب به فهو لن يبالي، لكن عندما يأتي شخص ويطالب به وحتى لو كان ضعيفًا ولا يمتلك إمكانيات فأنت تستنزف هذه اللص (المستوطن) على الأقل من الناحية النفسية.

وفي ظل حكومة اليمين الصهيوني والإعلام اليميني الصهيوني، فهم سيعمدون لتضخيم الأخطار التي تحدق بهم، كجزء من المزايدات الداخلية، لكن لها أثر معاكس على المدى البعيد، لأنها تشعر هذا المستوطن بأن وجوده على هذه الأرض غير راسخ وغير مضمون، وهذه مهمة جدًا فمن ناحية تشجع على الهجرة إلى خارج فلسطين، ومن ناحية أخرى تجعل من لا يهاجر أقل تمسكًا بالأرض لأنه يدرك أنه طارئ عليها.

مقترحات عملية:

المطلوب من الجمعيات الحقوقية بالدرجة الأولى والتجمعات الفلسطينية بكافة أشكالها والتنظيمات الفلسطينية، أن تبدأ بسلسلة فعاليات، وأقترح البدء من يوم النكبة القادم، مع التأكيد على تنوعها، ويكون عنوانها واحد "حق اللاجئ الذي سلبت أرضه باستعادتها"؛ عندكم مثلًا عمليات للمقاومة يكون الإعلان أنها للمطالبة بحقوق اللاجئين، ومسيرات ومظاهرات العودة، وهذه نشاطات موجودة بشكل أو بآخر.

وهنالك نشاطات مبتكرة يجب التفكير بها حتى نغطي على ضعف الإمكانيات لدينا وحتى نزيد مساحة استنزاف العدو الصهيوني:

أولًا: التوجه إلى المحاكم (داخل الكيان أو في الخارج) ورفع قضايا ضد الدولة الصهيونية باسم أصحاب الأملاك من أجل استردادها، وإن رفضوا (وهو المتوقع في أغلب الحالات) فوقتها تصبح لديك مادة قانونية تدين الاحتلال، لأنه يشرعن العنصرية ويشرعن اللصوصية.

فعندما تأتي محكمة الاحتلال وتقول لن أعيد لك بيتك لأني أريد الحفاظ على يهودية الدولة، إذن هنا شرعنة لأفعال غير أخلاقية.

ومن ناحية أخرى يمكن إحداث اختراقات قانونية من قبل محاكم قد تحكم لصالح المدعين (وهذا وارد جدًا لو رفع فلسطينيون من جنسيات أوروبية أو أمريكية لاتينية قضايا في محاكم تلك الدول)، فأنت تمتلك وقتها حكم قضائي وليس فقط حق أخلاقي أو سياسي، والحق القضائي أكثر إلزامًا وأقوى حجة.

وحصل فعلًا أن فلسطينيين يحملون جنسية السلفادور رفعوا قضية في محكمة صهيونية لاسترداد مبنى في القدس الغربية، واستغلوا بعض الثغرات في القانون العنصري الصهيوني واستردوه، فالأمر ليس عبثيًا كما يبدو للوهلة الأولى، مع التأكيد أنها مجرد خطوة يجب أن تكون ضمن سلسلة خطوات كثيرة.

ثانيًا: أن يذهب المهجرون واللاجئون من فلسطين المحتلة عام 1948م (وعددهم حوالي ربع مليون) إلى قراهم، وأن يقيموا فيها خيام وبيوت مؤقتة، ويقولون هذه أرضنا ونريد الحياة عليها، وليأت المحتل وليقمعهم لا مشكلة في ذلك، فأنت تريد استنزاف العدو، وفتح معارك مستمرة معه.

ثالثًا: لماذا لا يكون من مطالب المقاومة في تبادل الأسرى أمور تؤكد على حق الفلسطيني في الأرض؟ مثل اشتراط عدم تهجير بدو منطقة أبو ديس من تجمعاتهم؟ أو اشتراط عدم هدم القرى المهددة بالهدم سواء في النقب أو في الضفة؟ وبغض النظر هل يستجيب الاحتلال لهذا الطلب أم لا، فالهدف من هذا الطرح هو وضع هذه القضية على بساط البحث في كافة المستويات، لتحقيق الأهداف التي تكلمت عنها سابقًا.

رابعًا: مشاريع إعلامية موجهة للجمهور الغربي تعرف بهذه القضية؛ مثل فلان يمتلك أرض وهذه شهادة الملكية، وهذا رد المحكمة الصهيوني الذي رفض إعادة الأرض لأصحابها لأسباب عنصرية، وهذا قرار الترحيل والطرد من الأرض، وهذا وهذا، للأسف هذه التفاصيل يتم تداولها في الإعلام العربي لكن في الإعلام الغربي؟

في الختام:

طريق تحرير فلسطين طويلة وتحتاج لإمكانيات وجهود جبارة، وما دامت إمكانياتنا محدودة فلنعمل ضمنها لا مشكلة في ذلك، لكن المحظور أن نتوقف عن العمل بحجة انتظار تغير الأوضاع، لأن عدونا لا ينتظر ويتوسع ويتجذر، فإن لم نستطع إزالته فعلى الأقل نستنزفه ونضعفه، وإن لم نستطع ذلك فأضعف الإيمان هو أن نوقف تمدده أو نبطئه.

قد يعترض البعض على المقترحات العملية ويراها غير واقعية أو لأي سبب آخر، حسنًا لا بأس فلكل جهة تصوراتها الخاصة، لكن المهم أن لا نترك الاحتلال يلتقط أنفاسه وأن نشاغله على كافة الجبهات، ومهم أيضًا أن نفكر بأفعال (ولو بسيطة) تدفع الناس إلى الإيمان بقدرتهم على البدء بمشروع تحرير فلسطين.

هناك تعليق واحد:

أبو أنس يقول...

كثر اللغط حول ما يجري في اليرموك ، والحليم أضحى حيران وضاع الحق بين مؤيد ومعارض ، وعاهدناك تكتب عن كل مستجد توضح فيه ما أشكل على الناس ، أكتب مقالا توضح فيه الامور ، ماذا يحصل في مخيم اليرموك ؟ ولماذا تسيطر عليه أكناف بيت المقدس؟ ولماذا لم تسارع لفك الحصار عنه مادام السلام متوفر؟ لان السكوت عما يجري أو محاولة تبسيط الامور أو ادانة فقط داعش دون ذكر الاسباب الحقيقية استغباء للشارع الفلسطيني