السبت، 11 يوليو 2015

ظاهرة كاميرات المراقبة وضرورة الحد من أضرارها




تعتبر كاميرات المراقبة أحد أكبر التحديات الأمنية التي تواجه المقاومين في الضفة الغربية، سواء كانوا ينشطون في المقاومة المسلحة أو إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة، وإن كانت الكاميرات التي ينصبها الاحتلال لرصد طرق المستوطنين ومحيط المستوطنات تشكل مشكلة بحد ذاتها، فإن الكاميرات التي ينصبها أصحاب المحلات والمنازل الفلسطينيين تزيد الطين بلة.

فهي منتشرة في كل الطرقات وترصد حركة كل الناس، ولا رقابة على استخدامها ولا توجد ضوابط قانونية أو أخلاقية أو اجتماعية لها، فالكل يصور ما يريد ومتى يشاء، وبالنهاية تتراكم لدينا مجموعة مآزق أمنية واجتماعية تتجاوز بكثير تقديم معلومات مجانية لمعرفة هوية منفذي العمليات.

فهذه الكاميرات تراقب كل شيء ويستطيع الاحتلال أو أمن السلطة الاستيلاء عليها متى أرادوا، بل يستطيعون دفع عملائهم لوضع هذه الكاميرات بحجة حماية محلاتهم، ولا أحد يحاسبهم ولا يراجعهم.

الكاميرات لا تساعد بكشف منفذي العمليات فحسب بل بمراقبة حركة الناس، سواء كانوا ناشطين في الكتلة الإسلامية أو قادة في فصائل المقاومة أو ناس عاديين، وربما استغلت هذه الرقابة لنصب الكمائن لهم واعتقالهم، أو اكتشاف أسرار حياتهم وابتزازهم ومساومتهم عليها، وماذا لو مرت فتاة من أمام الكاميرات وانكشفت عورتها بالخطأ (نتيجة الرياح مثلًا) فهل يوجد ضابط من استخدام ما تم تصويره؟


يحذرون الفتاة من وضع صورتها العادية على الفيسبوك حتى لا يساء استخدامها، ويتناسون الكاميرات التي تراقب كل كبيرة وصغيرة بالشوارع، وترصد ما يصح رؤيته وما لا يصح، وماذا لو كان هنالك أشخاص في وضع غير سليم أخلاقيًا وصورتهم الكاميرا ووقعت بيد الاحتلال؟ صحيح أن ما يقومون به خطأ لكن هل نكون عونًا للشيطان عليهم؟

ملخص الكلام أن كاميرات المراقبة فيها مفسدة أمنية وأخلاقية واجتماعية، فضلًا عن انتهاك خصوصية كل شخص يمر بالشارع وهذا بحد ذاته أمر مزعج حتى لو لم يكن من ورائه أي ضرر مباشر.

والغريب أنه لا يوجد أحد يحتج عليها وكأن تصوير الشارع هو حق لصاحب المنزل أو صاحب المحل، وعلى الأكثر نسمع مناشدات على الفيسبوك من أجل مسح كاميرات المراقبة بعد تنفيذ عملية ما في المنطقة القريبة، وكأن أصحاب المحلات يملكون الجرأة على فعل ذلك، فحتى لو سمعوا المناشدة وحتى لو كان معهم وقت فلن يجرؤوا على مسحها حتى لا يتهموا بأنهم ساعدوا المقاومين.

يجب فتح نقاش مجتمعي جاد حول ما يسمح بتصويره وما لا يسمح، فداخل المحل من حق صاحبه أن يصوره ويحميه، وباب المحل ورصيف المحل وإن كانا منطقة عامة لكن نتفهم وجود ضرورة حتى يراقب اللص وكيف دخل، لكن ما الحاجة لتصوير الشارع؟ وما الحاجة لتصوير الرصيف المقابل؟

بعد فتح النقاش المجتمعي يجب أن يتحرك شبان كل منطقة لوضع حد لمن يتجاوز المقبول في تشغيل كاميرات المراقبة وتحطيم تلك الكاميرات التي ترصد أماكن لا يحق لصاحبها أن ينتهكها، وذلك بعيدًا عن أي اعتبارات قانونية، فالجهة التي تطبق القانون لدينا (أي السلطة) لا يهمها حماية خصوصية الناس ولا أمن المقاوم، بل على العكس هي مستفيدة من ذلك.

ليست هناك تعليقات: