الأربعاء، 20 أبريل 2016

لماذا انتخابات مجالس الطلبة مهمة؟




خاضت الكتلة الإسلامية في جامعة البوليتكنك يوم أمس انتخابات مجلس الطلبة، وفي جامعة بيرزيت ستخوضها الأسبوع القادم.

فيما قامت إدارة كل من جامعة النجاح وجامعة الخليل بتأجيل الانتخابات لأن النتائج تكاد تكون محسومة لفوز الكتلة الإسلامية، كما قاطعت الكتلة في الجامعات الأخرى: القدس، خضوري، الأهلية والجامعة الأمريكية لأسباب عديدة أهمها التضييق من جانب الاحتلال والسلطة.

لا شك أن أجواء الانتخابات في الضفة ليست نزيهة إطلاقًا فيكفي الاعتقالات والمداهمات وملاحقة نشطاء الكتلة التي تشتد قبيل الانتخابات، والتي تمارس بتنسيق كامل بين الاحتلال والسلطة وتوزيع أدوار بينهما، وصولًا إلى اعتقال الطالبات مثل عضوة مجلس طلبة البوليتكنك سلسبيل شلالدة والتي اعتقلها الاحتلال قبل أيام.

وهنالك شكوك حول وجود بعض أشكال التزوير في جامعة البوليتكنك، ويرى البعض هذا مبررًا لمقاطعة الانتخابات ورفض خوضها إلا في أجواء نزيهة، وآخرون يرون أن الانتخابات ومجالس الطلبة مجرد نشاطات نقابية لا تستحق دفع الثمن الباهظ، وغيرهم يظنون مخطئين أن هذا التضييق طارئ وغير مسبوق ويجب الانتظار إلى أن تخف الهجمة، وكلها رؤىً قاصرة.

مشروع فتحستان:

بداية يجب الفهم أن هذه الانتخابات أكثر من مجرد نشاطات نقابية، بل لها دور سياسي ومقاوم محوري، وأشير هنا إلى أنه منذ عام 2005م قررت مخابرات الاحتلال تبني المشروع الآتي: الضفة فتحستان، وغزة حماستان.

والاحتلال حرص على مشروع تحويل الضفة إلى مزرعة فتحاوية خاصة ليس حبًا في فتح ولا كرهًا في حماس، بل لأن فتح تمثل الخيار القابل للانقياد لأوامره ولأن حماس تمثل الخيار المقاوم والرافض للاحتلال.
 
وفي مرحلة لاحقة سيتخلص الاحتلال من دولة فتحستان (على قاعدة أكلت يوم أكل الثور الأخضر) من أجل ضم الضفة الغربية إلى الكيان الصهيوني وتعزيز المشروع الاستيطاني.

وضمن هذا المشروع كان يجب القضاء على كل ما يمت لحماس في الضفة بما فيه نفسيات وعقول الناس، فأغلقت وصودرت جميع المؤسسات والهيئات العاملة، ولوحق نشطاء حماس وشجعوا على الهجرة إلى خارج فلسطين.

في ضوء هذه المعادلة بقيت الكتلة الإسلامية هي الجسم الوحيد المتبقي لحماس في الضفة، ولهذا كانت مشاركتها بالانتخابات غير مقبولة صهيونيًا (وفتحاويًا) لأنه يعني استمرار وجود حماس واستمرار مشروع المقاومة في الضفة.

ولقد "ساعدتهم" الكتلة في السنوات التالية للانقسام (مضطرة) عندما قاطعت الانتخابات، ثم أدركت أن المقاطعة ليست حلًا، وحرصت على المشاركة فيها منذ 3 أعوام وكانت في البداية نتائجها متواضعةً نتيجة طول الغياب لكنها حققت تقدمًا كبيرًا العام الماضي.

لماذا الهجمة الشرسة على الكتلة الإسلامية؟

ونسأل هنا: هل تستحق بضعة مقاعد أو نشاطات طلابية كل هذه الحملات الأمنية؟ ملايين الدولارات يصرفها الاحتلال ومثلها تصرفها السلطة لمنع الكتلة من الفوز بالانتخابات، ما هو السر؟

هنا نأتي إلى مربط الفرس فالانتخابات دورها يتجاوز الدور النقابي بكثير، هي عملية تعبئة وحشد شعبي لطلاب الجامعات والمجتمع الفلسطيني في الضفة حول الكتل المشاركة وخاصة الكتلة الفائزة بالانتخابات.

بكلام آخر مشاركة الكتلة الإسلامية وفوزها يعني المزيد من أنصار حماس، والمزيد من أنصار المقاومة، وهؤلاء الأنصار يصبحوا قاعدة للتجند في حماس والقسام وتنفيذ عمليات فردية وغير ذلك، والجو العام في الضفة يتحول نحو المزيد من المقاومة.

لهذا السبب صدر قرار عسكري من الاحتلال عام 1992م يعتبر الكتلة الإسلامية (الجناح الطلابي لحماس في الجامعات) منظمة خارجة عن القانون، وبهذه التهمة حوكم عشرات الآلاف من أبناء الكتلة خلال السنوات الـ25 الماضية.

ربما فتح عقلها صغير لتلاحق الكراسي والمقاعد لكن هل تظنون الاحتلال القوة العسكرية الأولى في المنطقة يهتم بقضايا نقابية وشكلية؟ هل ينفق عشرات ملايين الدولارات على هذه الملاحقات من أجل أمور تافهة؟

في الختام:

لولا أن مشاركة الكتلة الإسلامية تؤزم الاحتلال وتهدد مشروعه بإقصاء حماس ومشروع المقاومة عن الضفة، لما رأينا كل هذه الحملة الأمنية المسعورة.

أدرك الثمن الغالي الذي يدفعه أبناء الكتلة مقابل المشاركة وهو نفس الثمن الذي يدفع منذ عشرين عامًا وهو أعلى قليلًا اليوم، لكنه ثمن معركة الوعي وحرب كسب عقول وقلوب الناس لصالح مشروع المقاومة، هم الجسر الذي يوصل الناس من حالة اللامبالاة إلى تبني المقاومة قولًا وفعلًا.

وعليه أرى مقاطعة الانتخابات هو تحقيق لمصلحة الاحتلال والسلطة، وتحييدًا للكتلة عن التفاعل مع الشارع والمجتمع، ومساهمة في خسارة حرب "كسب العقول والقلوب".

ليست هناك تعليقات: