الأربعاء، 27 أبريل 2016

معلومة خاطئة: إيلات - أم الرشراش ليست مصرية بل فلسطينية




 
 تتردد معلومة خاطئة أن مستوطنة إيلات المقامة على أنقاض قرية أم الرشراش أقصى جنوبي فلسطين هي مصرية، وأن النظام المصري لا يطالب بها.

في الصورة المرفقة يظهر المربع الأزرق إيلات وهي أقرب إلى الحدود الأردنية، وحسب الذين يطالبون "بالسيادة المصرية" فالمنطقة "المصرية المحتلة" هي 1500 كيلومتر (5 أضعاف مساحة قطاع غزة)، وهي التي تظهر في المثلث الأخضر الكبير، وهي عبارة عن الجزء الجنوبي من صحراء النقب المحتل.

وقصة هذه الإشاعة هي أنه قبل بضع سنوات اكتشف بعض الكتاب المصريين أن لهم ابنة مفقودة! ولأن إيلات أصبحت أرض مصرية بحسب زعمهم وجب تحريرها أما الأرض الفلسطينية "فطز طزين ثلاث".

المنطقة بالمثلث الأخضر هي جزء من النقب واحتلها الصهاينة في حرب النكبة، وتحديدًا في شهر 3 عام 1949م، أي بعد شهر من الهدنة بين الجيش المصري وعصابات الهاجاناة الصهيونية، والتي انسحب الصهاينة بموجبها من المناطق التي احتلوها في سيناء، وانسحب الجيش المصري من فلسطين (ما عدا قطاع غزة).
وفي الشهر التالي تقدمت عصابات الهاغاناة جنوبًا نحو صحراء النقب التي أصبحت بلا حماية بعد انسحاب الجيش المصري واحتلتها بدون قتال وهجرت قسم من سكانها البدو.
 
طوال 60 عامًا لم يطالب المصريون بهذه المنطقة ولا بإيلات، وعندما عقدت معاهدة السلام (كامب ديفيد) تم الاتفاق على حدود عام 1906م بين مصر وفلسطين لتكون الحدود الرسمية.

وانسحب الصهاينة لكنهم ابقوا على احتلال جزء من طابا (المثلث الأزرق الصغير) وبعد تحكيم دولي ومفاوضات تم ترسيم الحدود بشكل دقيق وفق حدود عام 1906م، وتم التوصل إلى حل وسط بالنسبة لطابا فتصبح اسميًا تحت السيادة المصرية لكن الفندق والمنتجعات تحت الإدارة الصهيونية.

حجة الكتاب المصريين الذي اخترعوا مصرية إيلات أنها كانت تتبع الحكم المصري في نهايات القرن التاسع عشر، وأن الحدود التي رسمت عام 1906م هي نتيجة لصراع القوى بين الدولة العثمانية وبريطانيا و"لا تعبر عن الحدود الحقيقية".

وهنا يبرز الاستخفاف بالعقل وخوض معركة تافهة من أجل قضية أكثر تفاهة:

أولًا: الحدود الإدارية في العهد العثماني كانت تتبدل مثلما نبدل أحذيتنا، فلا يوجد شيء يمكن اعتباره مرجع، وإذا أردنا العودة لتلك التقسيمات واختيار ما يناسبنا فبالإمكان أن نجد من يطالب بضم العريش إلى فلسطين، والبلقاء والسلط وشمال الأردن إلى فلسطين، وهكذا.

ثانيًا: الحدود المعترف بها اليوم هي الحدود التي رسمها الاستعمار، وما دمت اعترفت بدولة الاستعمار "إسرائيل" فيجب أن تعترف بحدودها التي رسمها الاستعمار لهذه الدولة.

ثالثًا: الفلسطينيون الذين كانوا يعيشون في أم الرشراش وفي جنوبي النقب، والذين أصبحوا لاجئين، هل ستمنحهم مصر جنسيتها كونهم بالأصل جزء من مصر وأن بريطانيا سلختهم وضمتهم إلى فلسطين؟ أم أنهم "فلسطينيون أنجاس" لا يجوز أن تلوث دماءهم الدم "الفرعوني الطاهر"؟

رابعًا: خلط الأمور وانتقاء الأحداث التاريخية من أجل اثبات وجهة نظر معينة بدون اتباع الأسس الصحيحة، هو مخالف لمنهج البحث العلمي وتنتمي لمنهج بحث البطاطا والكوسا.

خامسًا: عبد الناصر روج للقومية العربية في البلاد العربية وروج للقومية الفرعونية داخل مصر، ففلسطين شأن لا يهم المصريين لكن أرض مصرية مزعومة محتلة فيجب بذل الدم من أجلها.

سادسًا: لا يهمني أن تكون إيلات (أم الرشراش أو أيلة) مصرية أو فلسطينية، بل لو ضموا فلسطين كلها إلى مصر فلا يزعجني ذلك، لكن الذي يزعجني هو العنصرية الشوفينية التي يروج لها عسكر مصر ويرددها الكثيرون بدون وعي.
 
وأيضًا يزعجني تزوير الحقائق والتلاعب بها من أجل إثبات وجهة نظر معينة.

سابعًا: بدلًا من البحث عن كرامة المصريين في أراضٍ "احتلها العرب" فالأفضل البحث عن كرامتهم كبشر، تلك الكرامة التي تنتهك يوميًا منذ أيام عبد الناصر حتى يومنا هذه.

ثامنًا: إيلات والنقب يجب تحريرها من الصهاينة سواء كانت فلسطينية أو مصرية، ولو افترضنا وجود حركة مقاومة مصرية تريد تحرير إيلات فقط بقوة السلاح فلا مشكلة لدي، بشرط أن يكون لها فعل على الميدان، لأن أي شبر يحرر من الصهاينة هو مكسب.
 
أما أن تخاض حروب انترنتية من أجل إثبات مصرية هذه الأرض، وأنها أصبحت مقدسة لأنهم اكتشفوا أنها مصرية وليست فلسطينية، فهذا تضييع لوقت الناس في ما يضر ولا ينفع.

تاسعًا: عورات النظام العسكري كثيرة جدًا فلا حاجة للكذب من أجل فضحه.


ليست هناك تعليقات: