الأربعاء، 18 مايو 2016

حول تصريحات البردويل و"مؤامرة اغتيال السيسي"




 إعلان القيادي في حماس الدكتور صلاح البردويل عن اكتشاف مؤامرة لاغتيال السيسي من خلال مجموعة في غزة مرتبطة بالقيادي الفتحاوي توفيق الطيراوي، فما مدى مصداقية هذا الكلام؟ وما الهدف منه؟ وما تداعياته؟

أولًا: كلام البردويل ليس جديدًا فهو يدور حول مجموعة تابعة للطيراوي كانت تترأسها القيادية الفتحاوية مروة المصري (والمحسوبة على تيار دحلان) كانت تدعم مجموعات تابعة لداعش في غزة.

ثانيًا: حماس لديها حساسية من ذكر وجود داعش في غزة لأنه يساعد خصومها الذين يتهمونها برعاية داعش، وأن غزة وكر للجماعات التابعة للقاعدة ولداعش، لذا هي تركز على أن المجموعة التي اعتقلت تابعة لفتح وأنها حاولت تقمص شخصية داعش.

ثالثًا: تنظيم داعش له تواصل مع أجهزة مخابراتية كثيرة، إما تخترقه أو تنسق معه، فعلى سبيل المثال أغلب قيادة داعش العراقية هم من مخابرات صدام حسين، وفي سوريا هنالك تنسيق على مستويات مختلفة بين النظام وداعش، وسابقًا بين مخابرات النظام والتنظيمات الجهادية المتجهة للقتال في العراق، وفي ليبيا علاقة أحمد قذاف الدم مع داعش لا تخفى على أحد.

 وفلسطينيًا فقسم كبير من قادة التنظيمات الجهادية قدموا من فتح وبعضهم بتوجيهات من أجهزتها الأمنية، ولا ننسى شاكر العبسي مؤسس فتح الإسلام فقد كان عنصرًا وكادرًا مهمًا في تنظيم "فتح الانتفاضة"، كما لا ننسى جهود مخابرات السلطة في الإفراج عن رهائن سويديين كانوا محتجزين لدى جبهة النصرة في سوريا.

وعليه فلا استغرب وجود علاقة دعم وتنسيق بين قادة فتحاويين مثل الطيراوي وجماعات محسوبة على داعش في غزة، لكن ليس مثل ما تصوره حماس بأنها مؤامرة فتحاوية من الألف إلى الياء بل فتح تحاول الاستفادة من مجموعات موجودة بالفعل وتدعمها بالمال والخبرات.


رابعًا: حسب الكلام السابق فقد خططت هذه المجموعة لاغتيال قادة فتحاويين محسوبين على تيار محمود عباس، وهنالك صراع بين محور دحلان – الطيراوي – الرجوب وتيار محمود عباس، فمن ناحية يتخلص الطيراوي من خصومه ومن ناحية أخرى تتبناها داعش مما يحرج حماس ويضعها في الزاوية.

خامسًا: حسب الكلام السابق فالمجموعة كانت ستصدر بيانات لتهدد مصر والنظام المصري، لكن لم يكن هنالك كلام عن تخطيط لاغتيال السيسي، ولا أدري هل هذا كلام البردويل أم أن الصحيفة حرفت كلامه، وبكل الأحوال أشك أن هكذا مجموعة قادرة على اغتيال السيسي أو التفكير بذلك، كما أن الطيراوي لن يجرؤ على هكذا خطوة، فهو محكوم بخطوط حمراء واستقرار الانقلاب أحدها.

سادسًا: فهل كلام البردويل هو تملق للنظام المصري لكي يخفف الحصار؟ لو كان كذلك فالتمس له عذرًا فالموت جوعًا يبيح اكل الميتة، لكن أشك جدًا بأن يقتنع النظام الانقلابي برواية تتهم الطراوي وحركة فتح وجهاز مخابراتها، وحتى لو اقتنع الانقلابيون داخليًا بكلام حماس فلن يعلنوا عن ذلك.

 أما الكلام عن اعترافات ومسجلة بالفيديو وغير ذلك فهذا لا يعني شيئًا، فعندما يريدون رفض كلام حماس سيقولون أن الاعترافات أخذت تحت التعذيب وهكذا سينسفوها نسفًا، والخلاف بين حماس والنظام الانقلابي ليس خلاف ناجم عن سوء تفاهم حتى يحل بهذه الطريقة، بل هو خلاف حول قضايا عديدة سواء كان رفض حماس الاعتراف بالكيان الصهيوني أو علاقتها مع الإخوان في مصر.

سابعًا: من التجربة فالإعلام المصري سيأخذ الجانب الذي يريده من كلام البردويل أي أن هنالك مؤامرة لقتل السيسي من غزة وأن حماس تحتضن داعش في غزة، وسيتجاهل باقي الأمور مثل دور فتح أو أن حماس أفشلت المخطط المزعوم.

 وفي أحسن الأحوال إن كان الانقلابيون معنيين بعدم الصدام مع حماس فسيتجاهلون التصريحات وكأنها لم تكن.

 لهذا فالتصريح غير موفق إطلاقًا ومحاولة حماس تجيير كل شيء يحصل في غزة من أجل المناكفة مع فتح يسيء لحماس أولًا وأخيرًا حتى لو كانت حماس صادقة، ونصيحة لمؤيدي وأنصار حماس أن لا يبرروا الكلام ولا يتعبوا أنفسهم، وأن يسعوا بدلًا من ذلك للتستر على الموضوع وعدم انتشاره.

 كما أن التصريح يعزز من شرعية النظام الانقلابي ويعزز من نظريات المؤامرة المتخلفة التي تنسب أي عمل مقاوم ضد الانقلاب بأنه مؤامرة من جهة خبيثة، وللأسف هذه النظريات منتشرة في صفوف الكثير من أنصار الشرعية ولدى بعض متابعي فضائية الجزيرة وغير ذلك.

وكل ذلك يؤدي لإطالة عمر الانقلاب واستمرار معاناة كل من الشعب المصري والشعب الفلسطيني في غزة، ولن يؤدي إلى الهدف الذي أراده البردويل (أي اقناع الانقلابيين بتخفيف الحصار على غزة) فمفتاح الحصار بيد نتنياهو وليس بيد السيسي، وللأسف حماس تكرر نفس الخطأ عندما تتصرف وكأن الحصار هو قرار السيسي وقرار محمود عباس.

ليست هناك تعليقات: