الخميس، 14 يوليو 2016

ما بين وزير خارجية بريطانيا الجديد بوريس جونسون ووالي عكا أحمد باشا الجزار



بوريس جونسون

تم تعيين بوريس جونسون وزيرًا لخارجية بريطانيا وهو أحد أبرز قادة الخروج من الاتحاد الأوروبي والمعروف بعدائه للأجانب وكرهه الشديد للمسلمين.

اللافت للنظر أن جده الأكبر هو مسلم وكان وزيرًا للداخلية في الدولة العثمانية بآخر أيامها، ويدعى علي كمال، والذي تزوج بريطانية وبعد مقتله (عام 1922م) عاش ابنه وابنته عند جدتهما الأنجليزية، الابنة عادت لاحقًا إلى تركيا.

أما الابن وكان اسمه عثمان فغير اسمه وأصبح ويلفرد جونسون وهو جد بوريس جونسون العنصري الكاره للمسلمين.

أحمد باشا الجزار
قصة ذكرتني بأحمد باشا الجزار الذي يمثل الحالة العكسية فالجزار ولد لعائلة بوسنية مسيحية وكان والده خوري الكنسية، وفي عمر السادسة عشر هرب من قريته إلى أسطنبول واعتنق الإسلام وهو بالثامنة عشرة من عمره وأطلق على نفسه اسم أحمد.

ثم ذهب إلى مصر حيث عمل في خدمة المماليك وترقى في المناصب، وخدم الأمة الإسلامية والدولة العثمانية خدمة جليلة مرتين.

الأولى عندما تنبه لحركة ظاهر العمر الزيداني الانفصالية والتي كانت مدعومة من الروس والتي لو نجحت لكانت بؤرة للاستعمار الروسي، فأقنع الجزار العثمانيين بضرورة القضاء على تمرد ظاهر العمر، وتمت مكافئته بتوليته على ولاية صور واتخذ عكا معقلًا له وحصنها بشكل كبير.


الثانية عندما تنبه لخطر التجار الفرنسيين الذين احتكروا التجارة مع بلاد الشام، وكانوا نواة لمشروع استعماري فطردهم ومنعهم من التجارة مع بلاد الشام، فاتخذها نابليون ذريعة لمد مشروعه الاستعماري من مصر إلى بلاد الشام لكنه هزم وانكسر على أسوار عكا.

أكثر المؤرخين العرب متحاملون على الجزار كونه مواليًا للدولة العثمانية ويبدو لي أن قسوته على الأقليات الدينية (الموارنة والمتاولة الشيعة والدروز) هو سبب ضمني لتحاملهم عليه، خاصة وأن أغلب المؤرخين المعاصرين إما من الأقليات أو من التيار القومي المتعاطف معهم والكاره للدولة العثمانية.

النتيجة التي وصلت لها من القراءة في تاريخ أحمد باشا الجزار أنه كان متعصبًا للمسلمين وأهل السنة بالتحديد، ربما ليثبت ولاءه وهو القادم الجديد للإسلام أو لقناعة دينية في نفسه، لكنه كان سياسيًا محنكًا وداهية استطاع أن يثبت نفسه وأن يؤخر قدوم الاستعمار لبلاد الشام لأكثر من مئة عام.

لم يكن مثل الطبقة السياسية التقليدية في بلادنا وعموم الدولة العثمانية فأولئك في أغلبهم توارثوا الحكم والقيادة، وتعاملوا معها على أنها امتيازات عائلية، وكانوا كسولين غير مبادرين واهتموا بالحفاظ على امتيازاتهم الشخصية.

علي كمال بيك
كما أن احتكاكهم بالأوروبيين أحدث لدى الكثير منهم انبهارًا بالحضارة الغربية (مثل علي كمال بيك جد بوريس جونسون) ولو بحثنا لوجدنا الكثير من رموز العلمانية واليسار والانبهار بالغرب في أوائل القرن العشرين هم من أبناء العائلات الإقطاعية أو أبناء المسؤولين في الدولة العثمانية.

إطلالة تاريخية لعلنا نستفيد منها.

ليست هناك تعليقات: