الأربعاء، 17 أغسطس 2016

ماذا تخبرنا استطلاعات الرأي عن الانتخابات البلدية؟



لم تبدأ بعد حمى استطلاعات الرأي بخصوص الانتخابات البلدية المرتقبة، لكن هنالك بضعة استطلاعات على المواقع الإلكترونية من الممكن أن تعطينا فكرة عامة عن المزاج العام للشارع الفلسطيني، رغم المآخذ على الاستطلاعات الإلكترونية كونها لا تعبر عن المجتمع الفلسطيني بشكل دقيق وإنما عن مرتادي هذه المواقع.

سأتناول هنا عدة استطلاعات للرأي نشرت خلال هذا الشهر، نلحظ فيها التباين الكبير بين الأرقام التي ستحصل عليها كل من فتح وحماس، وهذا طبيعي لأن اللون السياسي للمترددين على كل من هذه المواقع مختلف.

ففي موقع "فلسطين نت" أشار الاستطلاع المنشور بتاريخ 13/8 أن 63% سينتخبون حماس مقابل 18% فتح، 3% الجبهة الشعبية، 2% حركة الجهاد الإسلامي، وحوالي 4% سينتخبون قوائم غير حزبية.

وقال 10 % أنهم لن ينتخبوا أحد وكان الموقع نشر استطلاعًا آخر حول المشاركة في الانتخابات بتاريخ 7/8 أظهر أن 19% لن يشاركوا في الانتخابات بينما 9% لم يتخذوا قرارًا بالمشاركة.

أما استطلاع موقع "القدس دوت كوم" المنشور بتاريخ 2/8/2016م فقد أعطى حركة فتح 73% وحماس 19% واليسار 1% والجهاد 1% والتصويت حسب العشيرة 1%، وهنالك 6% قالوا أنهم لن يشاركوا.

وأخيرًا فقد أعطى استطلاع موقع "وكالة سما" حركة فتح 41% وحماس 24% وهنالك حوالي 35% لن يصوتوا لأي من الحزبين، وهنالك أقل من 1% سيصوتوا على أساس العشيرة، وذلك حسب استطلاع نشر نتيجته بتاريخ 11/8/2016م.


يصعب من هذه الاستطلاعات أن نأخذ تصورًا عن وزن كل من حماس وفتح لكن هنالك عدة أمور متفق عليها بين الاستطلاعات في المواقع الثلاثة:

أولًا: نسبة الذين قرروا المقاطعة تقل عن 20% وإذا أضفنا إليهم من لن يصوتوا لظروف مختلفة فيمكن الاستنتاج أن نسبة التصويت ستتراوح بين 65% و75% وهي نسبة مرتفعة وتعكس تنافسية عالية.

ثانيًا: العامل السياسي حاسم بشكل كبير في التصويت، ومن سيصوتون لقوائم غير حزبية أو عشائرية (على عكس ما يتوقع بعض المحللين) نسبة ضئيلة لن تتجاوز الـ5%.

هنالك أمر يجب الانتباه له أن هنالك أعراف اجتماعية في القرى والمدن تحتم على الكتل المتنافسة الالتزام بها؛ مثل أن يكون رئيس البلدية من أهل المدينة (القرية) الأصليين وليس لاجئًا أو "غريبًا" وأن تمثل العائلات الكبيرة بشكل مقبول داخل المجلس البلدي.

هذه الأعراف تفرض نفسها على القوائم الحزبية لكنها لا تعني أن هنالك قوة انتخابية عشائرية لها وزن على الأرض تستطيع أن تؤثر بنتيجة الانتخابات، والاستطلاعات تعزز هذه النتيجة.

ثالثًا: هنالك فجوة كبيرة بين اليسار وحركتي فتح وحماس، وهي نتيجة تتفق مع نتائج انتخابات عام 2006م.
أما حركة الجهاد فلها شعبية أقل من اليسار (ربما لهذا السبب قررت عدم المشاركة).

وهذا يعني أنه لا يوجد أي بديل استطاع أن يسوق لنفسه عن حركتي فتح وحماس رغم كل ما يقال على وسائل الإعلام أن الناس "سئموا من حماس وفتح".

ومن المهم الإشارة إلى أن شعبية التنظيمات لن تنعكس بشكل مباشر على نتائج الانتخابات البلدية وذلك لسببين:

الأول: الطبيعة المعقدة للمجالس القروية والبلدية، فعلى سبيل المثال مدينة غزة عدد سكانها حوالي 630 ألف نسمة ولها مجلس بلدي مكون من 15 عضو، وفي المقابل هنالك 275 مجلس قروي مجموع سكانهم لا يتجاوز الـ400 ألف نسمة، ولكل مجلس منهم 9 مقاعد أي ما مجموعه 2475 مقعد لهذه المجالس القروية.

فعندما أقارن الشعبية التي يتمتع بها الحزب فإن وزن 15 عضوًا في مجلس مدينة غزة أكبر من وزن 2475 عضو في مجالس قروية مجموع عدد سكانها لا يصل لثلثي عدد سكان مدينة غزة.

الثاني: نتيجة حماس في الضفة الغربية تعتمد على قدرة الحركة على تشكيل قوائم وتحالفات في ظل اعتقالات وتهديدات من جانب الاحتلال والسلطة معًا، فهنالك ضغوط هائلة يمارسها الاحتلال بالتحالف مع السلطة لمنع الناس المحسوبين على حماس من الترشح.

فقد تعجز حماس عن تشكيل قوائم في بعض المناطق بسبب هذه الحملة الأمنية التي لا يمكن الاستهانة بها ولا بتأثيرها، وهذا دفع الحركة لخفض سقف توقعاتها بعض الشيء ليكون هدفها الأساسي المشاركة في البلديات وكسر الإقصاء المفروض على الحركة.

في الختام:


وبناء على ما سبق يمكن القول أن هنالك تسييس كبير للانتخابات البلدية المقبلة، وأن المنافسة قوية تستخدم فيها السلطة وسائل غير شريفة من خلال الاعتقال والتهديد المباشر، لكن حماس مصرة على المضي قدمًا حتى لا تترك السلطة تستفرد بالساحة الفلسطينية.

ليست هناك تعليقات: