الأحد، 18 سبتمبر 2016

في الذكرى السادسة عشرة لانتفاضة الأقصى: كيف نواصل المشوار؟


قدم الشعب الفلسطيني منذ اندلاع انتفاضة الأقصى وحتى يومنا هذا حوالي تسعة آلاف شهيد، وعشرات آلاف الجرحى والمعتقلين وخسائر مادية تقدر بمليارات الدولارات، والسؤال المطروح هل حققنا لقضيتنا الفلسطينية في انتفاضة الأقصى إنجازات تستحق كل هذه التضحيات؟

مشكلتنا الرئيسية عندما نقيم تجاربنا النضالية أننا لا نربطها مع ما قبلها أو مع الأهداف بعيدة المدى، وغالبًا ما ينتهي التقييم بوصف ما حصل دون التطرق لما يجب عمله في المستقبل. والتقييم الأولي لانتفاضة الأقصى يقول أنها حققت الانسحاب الصهيوني من قطاع غزة، وأعاد الصهاينة احتلال مدن الضفة الغربية، وأنها فشلت في وضع حد لتهويد الأقصى والقدس لكنها نجحت في إبطاء الاستيطان بالضفة لفترة محدودة. 

ونسأل: ماذا عما بعد انتفاضة الأقصى؟ وكيف تطورت وتفاعلت الأحداث؟ وكيف عوض الاحتلال خسائره وعزز مكاسبه؟ وما الذي فعلناه كمجتمع فلسطيني مقاوم؟ وما علاقة كل ذلك بهدفنا الأساسي (أي تحرير فلسطين)؟


حرص الاحتلال على تعويض خسائره من خلال حصار غزة، وتحريضه على الانقسام الفلسطيني ودفع السلطة لتخوض حربه ضد المقاومة نيابة عنه، وفي الضفة الغربية استغل الهدوء ليصعد من هجمته الاستيطانية. وللأسف فقد وقعنا بالفخ وانشغل المجتمع الفلسطيني وفصائله بما أطلق عليه الانقسام والمناكفات الحزبية، وأصبحت مقاومة الاحتلال قضية جانبية ولم تعد بالمرتبة الأولى إلا بعد انطلاق انتفاضة القدس، وانحصر تصورنا عن أهداف القضية الفلسطينية في الحلول المؤقتة (الدولة في الضفة وغزة أو الهدنة طويلة الأمد) والاحتلال يرفض كل ذلك ويواصل مشروعه: الحصار الخانق في غزة والاستيطان السرطاني في الضفة.

لقد ربحنا قاعدةً للمقاومة في قطاع غزة لكنها محاصرة وتحمل أعباءً فوق طاقتها، كما أن الحلول المؤقتة (من أجل التقاط الأنفاس) مثل الهدنة غير ممكنة، فالاحتلال لا يريد منحنا فرصة نلتقط فيها الأنفاس ويريد أن ينهي المقاومة قبل أن يشتد عودها وتصبح قادرة على أنهائه. 

جاءت انتفاضة القدس لتعيد ترتيب الأولويات لكنها اصطدمت بمجتمع فلسطيني محبط من تجربة انتفاضة الأقصى والاجتياحات وإعادة احتلال الضفة، كما عملت السلطة كل جهدها لمعاونة الاحتلال في محاصرة وخنق الانتفاضة. 

ورغم أن انتفاضة القدس تواصل طريقها لكنها تسير بالحد الأدنى وبشق الأنفس، ونحن بحاجة لأن نقيم مسارنا حتى نعطيها الدفعة اللازمة.

في ضوء ما سبق فإن أهم الدروس التي نستفيد منها هي الآتي:

أولًا: تحرير كامل فلسطين أكبر بكثير من طاقتنا حاليًا، وخيار الحلول المؤقتة والتقاط الأنفاس غير مطروح لأن الاحتلال لا يمنحك الفرصة. لذا يجب السعي وراء استنزاف الاحتلال بحيث لا نعطيه الأريحية في فعل ما يريد ونجعله يدفع الثمن، فهذا الاستنزاف يعرقل مشاريعه الاستيطانية ومشاريعه التآمرية علينا؛ فبدلًا من رفع سقف أهدافنا حاليًا (أي تحرير فلسطين) ثم لا نجد أنفسنا قادرين على ذلك فيصيبنا الاحباط، فلنضع سقفًا ممكنًا للمرحلة الحالية (أي الاستنزاف) وفي نفس الوقت نضع في بالنا هدفنا النهائي أي تحرير فلسطين.

ثانيًا: الاحتلال الصهيوني يختبئ وراء السلطة ويريدنا أن نستنزف المقاومة في محاربتها، بينما يكون هو في مأمن وينفذ مخططاته دون ازعاج. لذا يجب العمل على إعادة تصدير الصراع إليه وأن يهتم خطابنا الإعلامي بالتحريض على الاحتلال بدلًا من المناكفات الفصائلية..


ثالثًا: يجب التفكير جديًا بتوسيع دائرة المقاومة ليشمل الداخل الفلسطيني المحتل وإلى فلسطينيي الشتات لأن الحمل على أهلنا في الضفة والقطاع استنزفهم بشكل كبير خلال الأعوام الستة  عشرة الماضية.

المقال منشور على مجلة إشراقات:
http://ishraqat.ps/ar/archives/2490

ليست هناك تعليقات: