الجمعة، 13 أكتوبر 2017

حماس: ما بعد اتفاق القاهرة







التفاصيل التي وقع عليها في القاهرة تتعلق بإجراءات تسليم حماس للحكومة في غزة بما فيه المعابر، مقابل إقرار آلية لدمج قسم من موظفي حماس في الحكومة.


بينما رحل النقاش الجدي لباقي القضايا إلى لقاءات قادمة، وقد لا يتحقق شيء آخر ما دامت السلطة قد أخذت ما تريد.


حماس تنازلت عن حكم غزة بدون أن تضمن المقابل، لكن لا يعني ذلك أنها خسرت بل هي كسبت من ناحيتين:


الأولى: تخلصت من عبء حكم غزة، ومخاوف جدية من تكرار تجربة حلب في غزة، صحيح أن الاحتلال لم يحسم أمره بشن حرب لاقتلاع حماس من غزة، لكن هنالك تيار داخل حكومة الاحتلال بقيادة ليبرمان كان يدعو لهذا الخيار وتحمل أي خسائر مقابل تحقيقه.


حماس استطاعت إبعاد هذا الخيار المرعب (ولو إلى حين) من خلال تنازلها عن الحكم.


الثاني: تخفيف حالة الاستقطاب والمناكفات داخل المجتمع الفلسطيني السائدة منذ أحداث الانقسام عام 2007م، وخلق مناخ عام مهيأ لفتح القضايا المصيرية التي تهم الشعب الفلسطيني، بدلًا من الدوران الدائم في المناكفات المتبادلة بين حماس وفتح.


لكي تستفيد حماس والمقاومة الفلسطينية عمومًا من اتفاق المصالحة يجب الانتباه للأمور الآتية:


أولًا: ستتعرض حماس لمساومات مختلفة خلال المرحلة المقبلة، فالاحتلال وحلفاؤه العرب لن يتركوها لوحدها، وشروط نتنياهو الأربعة للقبول بالمصالحة، ليست للاستهلاك الإعلامي، وهي: اعتراف حماس بإسرائيل، ونزع سلاحها، وإطلاق سراح الأسرى الصهاينة، ووقف المقاومة في الضفة وغزة.



ثانيًا: لا يوجد شيء اسمه "صفقة القرن"، فالاحتلال غير معني بأي اتفاقية مع السلطة مهما كانت، رغم أن هذه الاتفاقية ستكون في صالحه، لكن عنجهية اليمين الحاكم تمنعهم من التفكير بإتمام صفقات مع السلطة.


في المقابل يسعى الاحتلال لفرض حلول من جانب واحد؛ دولة فلسطينية في غزة منزوعة السلاح وضم الغربية إلى الكيان الصهيوني، وهذه الحلول يخطط لها على المدى البعيد، ولن تطبق في عام أو عامين بل ستأخذ منهم عشرين عامًا أو أكثر.

ثالثًا: أجواء المصالحة فرصة ذهبية من أجل انتزاع الحقوق في الضفة الغربية، وإجبار السلطة على تقديم تنازلات.

فرغم أنه لا توجد آلية فعالة وملزمة في الاتفاقيات التي وقعت، لكن ثبت بالتجربة أن الضغط الإعلامي والجماهيري يمكن أن يحقق نتائج في الضفة، مثلما حصل مع قضية المعلمين المفصولين قبل خمسة أعوام، وقطع رواتب الأسرى المحررين هذا العام.

لذا يجب استغلال زخم المصالحة في الضفة، وتقديم شكاوى للجنة الحريات وتنظيم اعتصامات لو تطلب الأمر، من أجل تحقيق إنجازات على صعيد إلغاء قانون الجرائم الإلكترونية، وإلغاء محاكمة المتهمين بدعم المقاومة، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، ومن أجل تنظيم نشاطات جماهيرية لحماس.


رابعًا: الهدف الأساسي من المصالحة هو تصحيح البوصلة، وهذا يتطلب إشعال كافة الجبهات ضد الاحتلال حتى نحقق الهدف، وإلا فما الفائدة التي استفدناها؟


والمقصود هنا: الجبهات الجغرافية (الضفة الداخل القدس)، والجبهات على صعيد أشكال المقاومة (المسلحة والشعبية والإعلامية والقانونية).


في الختام:


المصالحة فرصة لتعزيز موقف المقاومة وتحسين فرص صمودها في وجه الاحتلال، لكن هذا مرهون بتصرف حماس وباقي المحسوبين على المقاومة في الفترة القادمة، وإلا فستكون المصالحة مدخلًا لتدجين حماس وإجهاض المقاومة.


ليست هناك تعليقات: