الأحد، 5 نوفمبر 2017

هل خدعت السلطة حماس باتفاق المصالحة؟



اشتكت حركة حماس وعلى لسان بعض قادتها مثل موسى أبو مرزوق، مما اعتبرته خروقات في اتفاق المصالحة بعد تسليم معابر قطاع غزة إلى السلطة بداية الشهر الحالي.

وتمثلت هذه الخروقات في اشتراط عدم بقاء أي من أفراد حكومة حماس في المعابر الحدودية (مدنيين أو عسكريين) ولا حتى حضورهم مراسم تسلم المعابر، وأعمال التخريب والنهب في المعابر التي تلت عملية التسليم، والعودة لاتفاقية عام 2005م والتي تعطي الاحتلال حق الرقابة على معبر رفح.

كان من الواضح أن اتفاقية المصالحة هي في الحقيقة تنازل حماس عن حكم قطاع غزة وتسليمها للسلطة الفلسطينية، وكانت الخطوة الأولى استلام المعابر بشكل كامل، بعد أن عجزت حماس عن الاستمرار بإدارة الحياة اليومية في قطاع غزة.

اتفاقية المصالحة كانت بالنسبة لحماس عملية إعادة تموضع، وهذا يعني أنها ستتخلى عن الكثير من مواقع التحكم والسيطرة في قطاع غزة، لكي تستطيع الدفاع عن مكتسباتها الأهم: الأنفاق وسلاحها والمواقع التابعة للقسام.

وفي المقابل كانت اتفاقية المصالحة بالنسبة لفتح والسلطة غنائم جديدة تستولي عليها من حركة حماس، وبالتالي فتصرفاتها كانت متوقعة وغير مفاجئة بالمرة.

ربما يحز في نفس أفراد حكومة حماس أن يرو المنظومة الإدارية التي بنوها تضيع، بسبب الروح الانتقامية لحركة فتح؛ وللحق تمكنت حماس من بناء منظومة حكومية فعالة، وبالأخص ما يطلق عليه الحكومة الإلكترونية وحوسبة العديد من الإجراءات الإدارية.

وعلى عكس ما يشيع البعض، فحماس والإخوان المسلمين يتمتعون بكفاءات إدارية عالية المستوى، ومشكلة حماس الجوهرية كانت الحصار الخانق الذي شل قدرتها على تقديم الخدمات للمواطنين.

ورغم وجود محسوبية وحالات فساد داخل مؤسسات حماس، لكنها لا تساوي شيء أمام مثيلاتها لدى السلطة أو الدول العربية عمومًا.

لذلك لا بأس من أن يجرب الناس "جنة السلطة"، حتى يكتشفوا أنها لا تختلف كثيرًا عن "جحيم حماس"، وأن خيار الاستسلام للاحتلال لا يوفر بديلًا حقيقيًا للناس حتى على مستوى لقمة العيش.

أقدمت حماس على تنازلات مؤلمة إدراكًا منها للخطر الذي يواجهها، وفي محاولة لانقاذ مشروعها المقاوم في غزة، وهي تنازلات لا تخلو من مخاطرة، ومن المؤكد أن السلطة ومن يقف خلفها لن يكتفوا بتسليم المعابر، وستصل مطالبهم في مرحلة ما إلى سلاح المقاومة.

أما اعتراضات موسى أبو مرزوق وغيره، فيمكن فهمها أنها لتسجيل نقطة على الطرف الآخر، ولا أظن قيادة حماس كانت ساذجة لدرجة الاعتقاد بأن ما وقع عليه هو مصالحة حقيقية وأنها تفاجأت حقًا بتصرفات السلطة وفتح.

ليست هناك تعليقات: